الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
لو وقف على فقراء قرابته لم يستحق مدعيها ولو وليا لصغير إلا ببينة على فقره وقرابته مع بيان جهتها ، فإذا - - [ ص: 452 ] قضي له استحقه من حين الوقف عليه فتاوى ابن نجيم . وفيها سئل عمن شرط السكنى لزوجته فلانة بعد وفاته ما دامت عزبا فمات وتزوجت وطلقت هل ينقطع حقها بالتزويج . أجاب : نعم .

قلت : وكذا الوقف على أمهات أولاده إلا من تزوج أو على بني فلان إلا من خرج من هذه البلدة فخرج بعضهم ثم عاد أو على بني فلان ممن تعلم العلم فترك بعضهم ثم اشتغل به فلا شيء له إلا أن يشرط أنه لو عاد فله ، فليحفظ خزانة المفتين . - [ ص: 453 ] وفي الوهبانية : قضى بدخول ولد البنت بعد مضي السنين فله غلة الآتي لا الماضي لو مستهلكة

التالي السابق


مطلب في أحكام الوقف على فقراء قرابته ( قوله : لو وقف على فقراء قرابته إلخ ) سيأتي تفسير القرابة ، والفقر في آخر الفصل الآتي ، وفي البزازية وقف على فقراء قرابته فجاء رجل وادعى أنه من أقرباء الواقف ، وهو فقير كلف أن يبرهن على الفقر وأنه من أقارب الواقف وأنه لا أحد تجب عليه نفقته ، وينفق عليه ، والفقر وإن كان أمرا أصليا يثبت بظاهر الحال ، لكن الظاهر يكفي للدفع لا للاستحقاق ، وإنما شرط عدم المنفق لأنه بالإنفاق عليه يعد غنيا في باب الوقف ، وشرط [ ص: 452 ] لزومه لأنه لو لم يكن واجبا عليه فالظاهر ترك الإنفاق ، فيكون فقيرا قال هلال ولا بد أيضا أن يسأل عنه في السر ، ثم يستحلفه بالله مالك مال ولا لك أحد تجب نفقتك عليه ، وإن برهن على ما ذكرنا فأخبر عدلان بغناه فهما أولى ، والخبر والشهادة هنا سواء لأنه ليس بشهادة حقيقة بل هو خبر ولو قالا لا نعلم أحدا تجب نفقته عليه كفى ، ولو زعم البعض أنه غني إن ادعى أن له ما لا يصير به غنيا له أن يحلفه على أنه ليس بغني ، وليس له تحليف المتولي لأنه لو أقر لا يلزم فإذا أنكر لا يحلف والخصم في ذلك هو الواقف لو حيا ، وإلا فمن الوقف في يده ولو أحد الوصيين دون الوارث وأصحاب الوقف .

فإن برهن على المتولي بأنه قريب الواقف لا يقبل ، حتى يبرهن على نسب معلوم كالإخوة لأبوين أو لأب أو لأم لا على الأخوة المطلقة أو العمومة ، وإن قالوا لا نعلم به وارثا آخر أعطاه ، وإلا يتأنى زمانا ثم يدفع إليه ويأخذ كفيلا عندهما كما في الميراث ، وإذا أراد الرجل إثبات قرابة ولده أو فقره فله ذلك لو صغيرا بخلاف الكبار فإنهم يثبتون فقرهم بأنفسهم ووصي الأب مثله ، فإن لم يكونا فللأم أو العم إثبات ذلك لو الصغير في حجرهما استحسانا لأنه تمحض نفعا له فأشبه قبول الهبة ا هـ ملخصا وتمام الفروع فيها فراجعها وسيأتي آخر الفصل الآتي ماله تعلق بما هنا ( قوله من حين الوقف عليه ) أي من حين وجود شرط كونه من أهل الوقف ، وهو الفقر والقرابة لا من حين القضاء قال في الإسعاف : فإن شهدا له بالفقر بعد مجيء الغلة لا يدخل فيها ، وإنما يدخل فيما يحدث منها بعد الشهادة إلا أن يشهدا له في وقف ويسند فقره إلى زمن سابق فإنه يقضى له بالاستحقاق من مبدأ الزمن الأول وإن طال . ا هـ . مطلب إذا قال ما دامت عزبا فتزوجت وطلقت ينقطع حقها

( قوله : أجاب نعم ) أي ينقطع حقها بالتزوج إلا أن يشترط أن من مات زوجها أو طلقها عاد حقها إسعاف وفتح وفي لسان الحكام لابن الشحنة أن جده أجاب كذلك ، وأن الكافيجي خالفه وقال يعود الدوام كما كان بالفراق ووقع النزاع بين يدي السلطان ، وأن جده أخرج القول فوافقه الحاضرون ( قوله : فلا شيء له إلا أن يشرط إلخ ) بخلاف ما لو وقف على من يسكن بغداد من فقراء قرابته فانتقل بعضهم وسكن الكوفة ثم عاد إليها وسكن فإنه يعود حقا لأن النظر هاهنا إلى حالهم يوم قسمة غلة الوقف ألا ترى أنه لو افتقر الأغنياء [ ص: 453 ] واستغنى الفقراء تكون الغلة لمن افتقر دون من استغنى ولو لم ينظر إلى حالهم يوم القسمة لربما لزم دفع الغلة إلى الأغنياء دون الفقراء وتمامه في الإسعاف فافهم : مطلب فيما إذا قضى بدخول ولد البنت

( قوله : قضى بدخول ولد البنت ) أي في صورة الوقف على أولاد أولاده ( قوله : لا الماضي لو مستهلكة ) لأن الحكم وإن كان يستند إلى وقت الوقف ، لكن في حق الموجود وقت الحكم وغلات تلك السنين معدومة كالحكم بفساد النكاح بغير ولي ، لا يظهر في الوطآت الماضية ، والمهر ، حتى لو كان غلات السنين الماضية قائمة يستحق أولاد البنات حصتهم منها شرح الوهبانية عن القنية ملخصا . لكن تقدم آنفا في الوقف لفقراء قرابته أنه من قضى له استحقه من حين الوقف عليه ، وفي قضاء الخيرية لو ثبت أن الوقف سوية بين زيد وعمرو ، وكان زيد يتناول زيادة عمل يخصه مدة سنين أجاب : لعمرو الرجوع عليه بما تناوله زائدا عن حقه المدة الماضية ، والقضاء هنا مظهر ومعين لكونه كاشفا فيستند لا مثبت وعامل ، حتى يقتصر كما قرره أصحاب الأصول والفروع أيضا . ا هـ . مطلب أثبت واحد أنه من الذرية يرجع بما يخصه في الماضي

وفي فتاوى ابن نجيم سئل عن واقف وقف على ذريته ففرق الناظر الغلة سنين على جماعة منهم ، ثم أثبت واحد أنه منهم ، وقضى به على الناظر فطالبه بما يخصه في الماضي فهل له ذلك أجاب : بأنه إن دفع إلى الجماعة بغير قضاء رجع بما يخصه على الناظر وإلا رجع على الجماعة أخذا من مسألة الوصي إذا قضى دين الميت بجميع التركة ثم ظهر دين آخر عليه ، فإنهم قالوا إن دفع بغير قضاء رجع الدائن عليه ، وإلا على القابضين ولا يعارضه ما في القنية لو قضى بدخول أولاد البنات إلخ لأن دخولهم مختلف فيه بخلاف ما نحن فيه للاتفاق ا هـ وذكر ذلك بعينه في الفتاوى الحانوتي وحاصله : أن في دخول أولاد البنات في الوقف على أولاد أولاده خلافا كما سيأتي تحريره ، فإذا قضى بدخولهم فإنه وإن وقع دخولهم مستندا إلى وقت الوقف لكن بسبب الاختلاف صار الحكم مثبتا حقهم الآن في الغلة القائمة ، فلهم غلة سنة الحكم وغلة السنين الماضية إذا كانت قائمة للاستناد دون المستهلكة لشبهة الاقتصار ، بخلاف من لم يقع خلاف في دخوله ، ثم أثبت دخوله فإن القضاء به مظهر أنه منهم لا مثبت فيستند ولا يقتصر كما مر فتدبر




الخدمات العلمية