الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وأما ما اختلف في وقت ترتيب أحكامه على أسبابه ، فهو الأسباب القولية .

وهو منقسم إلى ما يستقل به المتكلم ، وإلى ما لا يتم إلا بالجواب ، فأما ما يستقل به المتكلم فكالإبراء ، وطلاق الثلاث قبل الدخول ، والعتاق والرجعة ، والأصح أن أحكام هذه الألفاظ تقترن بآخر حرف من حروفها ، فتقترن الحرية بالراء من قوله أنت حر ، والطلاق بالقاف من قوله أنت طالق ، والإبراء بالميم من قوله أبرأتك من درهم ، ولو قال خصمه أبرئني من درهم فقال أبرأتك اقترنت البراءة بالكاف من قوله أبرأتك ، وكذلك الرجعة ، تعود أحكام النكاح مع آخر حرف من حروفها ، وهذا اختيار الأشعري والحذاق من أصحاب الشافعي ، وهذا مطرد في جميع الألفاظ كالأمر والنهي وغيرهما ، فإذا قال اقعد كان أمرا مع الدال من قوله اقعد ، وإذا قال لا تقعد كان نهيا مع الدال من قوله لا تقعد ، وكذلك الأقارير والشهادات وأحكام الحكام .

وقال بعض أصحاب الشافعي لا تقترن هذه بشيء من هذه الألفاظ بل تقع عقيبها من غير تخلل زمان ، ويدل على [ ص: 98 ] الاقتران أن من سمع حرفا من آخر حروف الكلمة فإنه يحكم على مطلقها بموجبها عند آخر حرف من حروفها .

وأما ما يفتقر إلى الجواب فكالمعاوضات وغيرها من المحاورات ، والأصح اقتران أحكامها بآخر حرف من حروفها .

فإذا قال بعتك هذه الدار بألف اقترنت صحة البيع بالتاء من قوله قبلت على الأصح ، ولو قال بعنيها بألف فقال بعتك انعقد البيع مع الكاف على الأصح .

وكذلك لو قال زوجتك ابنتي فقال قبلت انعقد النكاح مع التاء من قوله قبلت ، إن قلنا لا يفتقر إلى أن يقول قبلت نكاحها ، وإن قلنا يفتقر إلى ذلك انعقد مع الألف من نكاحها .

ولو قال لزوجته أنت طالق إن شئت فقالت شئت ، وقع الطلاق مع التاء من قولها شئت ، ولو قال أجرتك دار بدرهم فقال قبلت انعقدت الإجارة مع قوله قبلت ، ولو قال أجرني دارك بدرهم فقال أجرتك انعقدت الإجارة مع قوله أجرتك .

التالي السابق


الخدمات العلمية