الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 460 ] وفي جواهر الفتاوى : شرط لنفسه ما دام حيا ، ثم لولده فلان ما عاش ، ثم بعده للأعف الأرشد من أولاده فالهاء تنصرف للابن لا للواقف لأن الكناية تنصرف لأقرب المكنيات بمقتضى الوضع وكذلك مسائل ثلاث : وقف على زيد وعمرو ونسله فالهاء لعمرو فقط ، وقفت على ولدي وولد ولدي الذكور ، فالذكور راجع لولد الولد فحسب ، [ ص: 461 ] وعكسه وقفت على بني زيد وعمرو لم يدخل بنو عمرو لأنه أقرب ، إلى زيد فيصرف إليه هذا هو الصحيح . قلت : وقدمنا أن الوصف بعد متعاطفين للأخير عندنا . [ ص: 462 ] وفي الزيلعي : من باب المحرمات : وقولهم ينصرف الشرط إليهما وهو الأصل قلنا ذلك في الشرط المصرح به والاستثناء بمشيئة الله تعالى .

وأما في الصفة المذكورة في آخر الكلام فتصرف إلى ما يليه ، نحو جاء زيد وعمرو العالم إلى آخره فليحفظ وفي المنظومة المحبية قال : والوصف بعد جمل إذا أتى يرجع للجميع فيما ثبتا     عند الإمام الشافعي فيما
إن كان ذا العطف بواو أما - [ ص: 463 ]     إن كان ذا عطفا بثم وقعا
إلى الأخير باتفاق رجعا     ولو على البنين وقفا يجعل
فإن في ذاك البنات تدخل     وولد الابن كذاك البنت
يدخل في ذرية بثبت     لو وقف الوقف على الذرية
من غير ترتيب فبالسوية     يقسم بين من علا والأسفل
من غير تفضيل لبعض فانقل     وتنقض القسمة في كل سنه
ويقسم الباقي على من عينه     ولو على أولاده ثم على
أولاد أولاد له قد جعلا     وقفا فقالوا ليس في ذا يدخل
أولاد بنته على ما ينقل     بني أولادي كذا أقاربي
وإخوتي ولفظ آبائي احسب [ ص: 464 - 465 ]     يشترك الإناث والذكور
فيه وذاك واضح مسطور

التالي السابق


( قوله : فإنها ) أي الكناية كما يعلم مما بعده والمراد بها الضمير وتسمية الضمير كناية اصطلاح الكوفيين أفاده ط ( قوله : لأقرب المكنيات ) أي لأقرب المذكورات التي يمكن أن يكون الضمير كناية عنها . مطلب في أن الأصلعود الضمير إلى أقرب مذكور

( قوله : بمقتضى الوضع ) أي الأصل وهو عود الضمير إلى أقرب مذكور إليه . قلت : وهذا الأصل عند الخلو عن القرائن . مطلب فيما إذا قال على أولادي وأولاد أولادي الذكور

ولذا قال في الخيرية : سئل عمن وقف على ولده حسن وعلى من يحدث له من الأولاد ثم على أولاده الذكور ثم على أولاده الإناث وأولادهن . ثم حدث للواقف ولد اسمه محمد ثم مات حسن المذكور فهل الضمير في يحدث له راجع إلى حسن لأنه أقرب مذكور أم إلى الواقف فيدخل محمد فأجاب مفتي الحنفية بمصر مولانا الشيخ حسن الشرنبلالي بأنه راجع إلى الواقف ثم قال في الخيرية إن هذا مما لا يشك ذو فهم فيه إذ هو الأقرب إلى غرض الواقف مع صلاحية اللفظ له . مطلب إذا كان للفظ محتملان تعين أحدهما بغرض الواقف

وقد تقرر في شروط الواقفين أنه إذا كان للفظ محتملان تعين أحدهما بالغرض ، وإذا أرجعنا الضمير إلى حسن لزم حرمان ولد الواقف لصلبه واستحقاق أولاد أولاد البنات وفيه غاية البعد ، ولا تمسك بكونه أقرب مذكور لما ذكرنا من المحظور ، وهذا لغاية ظهوره غني عن الاستدلال . ا هـ . ( قوله : وكذلك مسائل ثلاث ) أي يعتبر فيها الأقرب وإن لم يكن هناك ضمير ، فإن الثانية والثالثة لا ضمير فيهما ط ( قوله : فالهاء لعمرو فقط ) أي فلا يدخل نسل زيد زاد الإمام الخصاف : فإن قال على عبد الله وزيد وعمرو ونسلهما ، فالغلة لعبد الله وزيد وعمرو ونسل زيد وعمرو دون نسل عبد الله . ا هـ . ( قوله : فالذكور راجع لولد الولد فحسب ) أي فقط : أي للمضاف المعطوف دون المضاف إليه ودون المعطوف عليه ، فقوله على ولدي بقي شاملا للذكور والإناث من صلبه ، وقوله وولد ولدي الذكور يختص بالذكور من أولاد الذكور والإناث : أي بالمضاف فقط لأنه أقرب مذكور . ولا يقال المضاف إليه أقرب مذكور لأنا نقول الأصل عود الضمير على المضاف ; كما إذا قلت جاء غلام زيد وأكرمته : أي الغلام لأنه المحدث عنه والمضاف إليه ذكر معرفا للمضاف غير مقصود بالحكم . ويحتمل أن يكون قوله فحسب احترازا عن رجوعه للمضاف إليه فقط ، فلا ينافي رجوعه للمعطوف عليه أيضا ، وهذا [ ص: 461 ] وإن كان بعيدا من فحوى العبارة لكنه هو الموافق لما نص عليه هلال بقوله قلت أرأيت إن قال على ولدي وولد ولدي الذكور ، قال : فهي لمن كان ذكرا من ولده وولد ولده ، قال الذكور من ولد البنين والبنات قال نعم ا هـ فقد جعله قيدا للمعطوف والمعطوف عليه دون المضاف إليه ، ومثله في الإسعاف . ونصه : ولو قال على ولدي وولد ولدي الإناث يكون للإناث من ولده دون ذكورهم والإناث من ولد الذكور والإناث وهن فيهما سواء ا هـ وهو المتبادر من كلام الخصاف أيضا ، لكن يأتي أن الوصف ينصرف إلى ما يليه عندنا ، وهو مؤيد للاحتمال الأول في عبارة جواهر الفتاوى ، ومقتضي كلام الأشباه أنه قيد للمضاف إليه فقط ، وتمام تحرير المقام في كتابنا تنقيح الحامدية فراجعه . مطلب إذا تقدم القيد يكون لما قبل العاطف

( قوله : وعكسه وقفت إلخ ) عكس مبتدأ والجملة بعده أريد بها لفظها خبر ، والمراد أنه عكس ما قبله في كون القيد فيه متقدما فيكون لما قبل العاطف ، بخلاف ما تقدم فإن القيد فيه متأخر فيكون لما بعد العاطف ، فالضمير في قوله لأنه أقرب وفي قوله فيصرف عائد للقيد وهو لفظ بني لا لعمرو كما وهم ، ومقتضى كلامه أن الوصف يعود إلى ما يليه سواء تأخر أو تقدم ، فإذا قال على فقراء أولادي وجيراني ينصرف إلى الأول فقط ، وكذا لو قال على ذكور أولادي وأولادهم فيدخل فيه الإناث من أولاد الذكور ، يؤيده أن الأصل العطف على المضاف ، ولم أر ما لو توسط الوصف مثل على أولادي الذكور وأولاد أولادي ، والظاهر انصرافه للأول فقط ، فيخص الذكور لصلبه ويعم الذكور والإناث من أولاد أولاده الذكور والإناث ، نعم لو قال وأولادهم يخص الذكور والإناث من أولاد الذكور لعود الضمير إليهم . وفي الإسعاف : لو قال على الذكور من ولدي وعلى أولادهم فهي للذكور من ولده لصلبه ولولد الذكور : إناثا كانوا أو ذكورا دون بنات الصلب ، فلا تعطى البنت الصلبية وتعطى بنت أختها . ولو قال على ذكور ولدي وذكور ولد ولدى يكون للذكور من ولده لصلبه وللذكور من ولد ولده ، ويكون الذكور من ولد البنين والبنات فيه سواء ولا يدخل أنثى من ولده ولا ولد ولده ولو قال على ولدي وعلى أولاد الذكور من ولدي يكون على ولده لصلبه الذكور والإناث وعلى الذكور والإناث من ولد الذكور من ولده ولا يدخل بنات الصلب . ا هـ . ( قوله هذا هو الصحيح ) راجع لأصل المسألة ، ومقابله القول بأن الكناية تنصرف للواقف لا لابنه كما أفاده كلام المنح قبيل هذا الفصل ، والظاهر أن الخلاف في باقي المسائل كذلك . مطلب الوصف بعد جمل يرجع إلى الأخير عندنا

( قوله : قلت وقدمنا ) أي في هذا الفصل حيث قال : الوصف بعد الجمل يرجع إلى الأخير عندنا إلخ ويأتي قريبا ، وهذا تأييد لقوله فالذكور راجع لولد الولد فحسب ، لكن علمت مخالفته لكلام هلال والإسعاف ( قوله : عندنا ) [ ص: 462 ] وعند الشافعي للجميع إن لم يعطف بثم كما مر ويأتي ( قوله : من باب المحرمات ) أي في كتاب النكاح ( قوله وهو الأصل ) أي انصراف الشرط إلى المتعاطفين عندنا وعند الشافعية ( قوله : في الشرط المصرح به ) مثل فلانة طالق وفلانة إن دخلت الدار فيكون دخول الدار شرطا لطلاقهما لا للمعطوف فقط . ا هـ . ط ( قوله : والاستثناء بمشيئة الله تعالى ) لأنه شرط حقيقة وإن سمي استثناء عرفا . واحترز به عن الاستثناء بإلا ففي التلويح : إذا ورد الاستثناء عقيب جمل معطوف بعضها على بعض بالواو فلا خلاف في جواز رده إلى الجميع والأخير خاصة ، وإنما الخلاف في الظهور عند الإطلاق . فذهب الشافعي أنه ظاهر في العود إلى الجميع . وذهب بعضهم إلى التوقف وبعضهم إلى التفصيل ومذهب أبي حنيفة أنه ظاهر في العود إلى الأخيرة ا هـ والمراد بالتفصيل هو أنه إن استقلت الثانية عن الأولى بالإضراب عنها فللأخيرة وإلا فللجميع .

واحترز بالجمل عن الاستثناء عقيب مفردات فإنه للكل اتفاقا كما في شرح التحرير مثال الأول : وقفت داري على أولادي ووقفت بستاني على إخوتي إلا إذا خرجوا ، ومثال الثاني : وقفت داري على أولادي وأولادهم إلا إذا خرجوا ( قوله : فتصرف إلى ما يليه ) أي إلى ما يلي العاطف وهو المعطوف المتأخر وهو الأوجه من صرفها للجميع كما في تحرير ابن الهمام ( قوله : نحو جاء زيد وعمرو العالم ) لا يخفى أن الوصف هنا لا يمكن صرفه للجميع وإن أمكن للأول ، لكنه غير محل الخلاف ، فالمناسب تمثيل ابن الهمام بقوله كتميم وقريش الطوال فعلوا ، فإن الطوال جمع طويل يمكن صرفه للمتعاطفين وللأخير فقط ، والثاني مذهبنا وهو الأوجه كما علمت ، والأول مذهب الشافعي ، قال في جمع الجوامع وشرحه : الصفة كالاستثناء في العود إلى كل المتعدد على الأصح ولو تقدمت ، نحو : وقفت على أولادي وأولادهم المحتاجين ووقفت على محتاجي أولادي وأولادهم ، فيعود الوصف في الأول إلى الأولاد مع أولادهم . وفي الثاني إلى أولاد الأولاد مع الأولاد ، وقيل لا . أما المتوسطة نحو : وقفت على أولادي المحتاجين وأولادهم فالمختار اختصاصها بما وليته ، ويحتمل أن يقال تعود إلى ما وليها أيضا ا هـ . مطلب الشرط والاستثناء يرجع إلى الكل اتفاقا لا الوصف فإنه للأخير عندنا [ تنبيه ]

حاصل ما مر أن كلا من الشرط والاستثناء والوصف يعود إلى المتعاطفين جميعا عند الشافعي ، وكذا عندنا إلا الوصف فإلى الأخير فقط ، لكن علمت مخالفته لما قدمناه عن هلال وغيره . مطلب على أن من مات عن ولد من قبيل الشرط

وقد سئل المصنف عمن وقف على أولاده وعددهم على الفريضة الشرعية ، وليس للإناث حق إلا إذا كن عازبات ثم على أولاد الموقوف عليهم ، ثم على أولادهم ونسلهم على أن من مات منهم عن ولد فنصيبه لولده فهل هذا الشرط راجع للكل أو للجملة الثانية المعطوفة بثم وما بعدها لطول الفصل بين الأولى والثانية وهو قوله ليس للإناث حق إلخ [ ص: 463 ]

أجاب : صرح أصحابنا بأن قوله على أن كذا من قبيل الشرط لما فيها من معنى اللزوم ، ووجود الجزاء يلازمه وجود الشرط كما قال تعالى - { يبايعنك على أن لا يشركن } - أي بشرط أن لا يشركن وبأن الشرط إذا تعقب جملا يرجع إلى الكل ، بخلاف الصفة والاستثناء فإلى الأخير عندنا ، ولم يفرق أصحابنا بين العطف بالواو والعطف بثم ، وعلى هذا فيعود نصيب من مات عن ولد لولده عملا بالشرط المذكور وهو الموافق لغرض الواقفين ا هـ ملخصا . وظاهره أن طول الفصل المذكور لا يضر أيضا ( قوله : إن كان ذا العطف بواو ) قال العراقي في فتاواه : وقد أطلق أصحابنا في الأصول والفروع العطف ولم يقيدوه بأداة ، وممن حكى الإطلاق إمام الحرمين والغزالي والشيخان وزاد بعضهم على ذلك فجعل ثم كالواو كالمتولي حكاه عنه الرافعي ، ومثل إمام الحرمين المسألة بثم ثم قيدها بطريق البحث بما إذا كان ذلك بالواو ، وتمامه فيه حموي ( قوله : إلى الأخير ) متعلق برجعا الذي هو جواب أما . مطلب في تحرير الكلام على دخول أولاد البنات

( قوله : ولو على البنين وقفا يجعل إلخ ) يعني لو قال على بني وله بنون وبنات يدخل فيه البنات لأن البنات إذا جمعن مع البنين ذكرن بلفظ التذكير ولو له بنات فقط ، أو قال على بناتي وله بنون لا غير فالغلة للمساكين ولا شيء لهم ، وتمامه في الإسعاف ، وهذا البيت يغني عنه البيتان الأخيران ( قوله : وولد الابن كذاك البنت ) أي كذاك ولد البنت فحذف المضاف وأبقى المضاف إليه على جره . ا هـ . ح أي لو وقف على ذريته يدخل فيه أولاد البنين وأولاد البنات ( قوله : لو وقف الوقف على الذرية ) أي لو قال على ذرية زيد أو قال على نسله أبدا ما تناسلوا يدخل فيه ولده وولد ولده ، وولد البنين وولد البنات في ذلك سواء خصاف ( قوله من غير ترتيب إلخ ) أي إن لم يرتب بين البطون تقسم الغلة يوم تجيء على عددهم من الرجال والنساء والصبيان من ولده لصلبه والأسفل درجة بالسوية بلا تفضيل ، ثم كلما مات أحد منهم سقط سهمه ، وتنقض القسمة وتقسم بين من يكون موجودا يوم تأتي الغلة ، أما لو رتب ، بأن قال يقدم البطن الأعلى على الذين يلونهم ثم الذين يلونهم بطنا بعد بطن اعتبر شرطه ، وتمامه في الخصاف .

( قوله : ولو على أولاده إلخ ) اعلم أنهم ذكروا أن ظاهر الرواية المفتى به عدم دخول أولاد البنات في الأولاد مطلقا : أي سواء قال على أولادي بلفظ الجمع أو بلفظ اسم الجنس كولدي ، وسواء اقتصر على البطن الأول كما مثلنا أو ذكر البطن الثاني مضافا إلى البطن الأول المضاف إلى ضمير الواقف كأولادي وأولاد أولادي ، أو العائد على الأولاد كأولادي وأولادهم على ما في أكثر الكتب . وقال الخصاف : يدخلون في جميع ما ذكر . وقال علي الرازي [ ص: 464 ] إن ذكر البطن الثاني بلفظ اسم الجنس المضاف إلى ضمير الواقف كولدي وولد ولدي لا يدخلون ، وإن بلفظ الجمع المضاف إلى ضمير الأولاد كأولادي وأولاد أولادهم دخلوا . وقال شمس الأئمة السرخسي : لا يدخلون في البطن الأول رواية واحدة ، وإنما الخلاف في البطن الثاني . وظاهر الرواية الدخول لأن ولد الولد اسم لمن ولده ولده وابنته ولده ، فمن ولدته بنته يكون ولد ولده حقيقة ، بخلاف ما إذا قال على ولدي فإن ولد البنت لا يدخل في ظاهر الرواية لأن اسم الولد يتناول ولده لصلبه ، وإنما يتناول ولد الابن لأنه ينسب إليه عرفا ، وهو اختيار لقول هلال وصححه في الخانية مستندا لكلام محمد في السير الكبير . وفي الإسعاف أنه الصحيح وجزم به قاضي القضاة نور الدين الطرابلسي وتلميذه الشلبي وابن الشحنة وابن نجيم والحانوتي وغيرهم من المتأخرين ، وكذا الخير الرملي في موضع من فتاواه ، وخالف في موضع آخر ، وتمام تحرير ذلك وترجيح ما جنح إليه المتأخرون في كتابي تنقيح الحامدية ، وقدمنا في الجهاد بعض ذلك .

ثم رأيت في فتاوى الكازروني جوابا مطولا للعلامة الشيخ علي المقدسي ، ملخصه أن المحقق ابن الهمام قال في الفتح ولو ضم إلى الولد ولد الولد فقال على ولدي وولد ولدي اشترك الصلبيون وأولاد بنيه وأولاد بناته ، كذا اختاره هلال والخصاف وصححه في الخانية ، وأنكر الخصاف رواية حرمان أولاد البنات وقال لم أجد من يقول برواية ذلك عن أصحابنا ، وإنما روي عن أبي حنيفة فيمن أوصى بثلث ماله لولد زيد فإن وجد له ولد ذكور وإناث لصلبه يوم موت الموصي كان بينهم ، وإن لم يكن له ولد لصلبه بل ولد ولد من أولاد الذكور والإناث كان لأولاد الذكور دون أولاد الإناث ، فكأنهم قاسوه على ذلك . وفرق شمس الأئمة بينهما بالفرق المشهور المذكور في الخانية وغيرها أي ما قدمناه عنه ، فهذا ابن الهمام المعروف بالتحقيق عند الخاص والعام قد اعتمد على هؤلاء الأئمة العظام أما هلال فإنه تلميذ أبي يوسف . وأما الخصاف فقد شهد له بالفضل شمس الأئمة الحلواني فقال : إن الخصاف إمام كبير في العلوم يصح الاقتداء به ، وقد اقتدى به أئمة الشافعية . وأما قاضي خان وشمس الأئمة فما في الطبقات يغني عن التطويل ، وإذا كان مثل الإمام الخصاف لم يجد من يقول برواية حرمان أولاد البنات في صورة ولدي وولد ولدي يعلم أن الصورة التي بلفظ الجمع ليس فيها اختلاف رواية قطعا بل دخول أولاد البنات فيها رواية واحدة . فعن هذا قال شيخ مشايخنا السري ابن الشحنة : ينبغي أن تصحح رواية الدخول قطعا لأن فيها نص محمد عن أصحابنا ، والمراد بهم أبو حنيفة وأبو يوسف ، وقد انضم إلى ذلك أن الناس في هذا الزمان لا يفهمون سوى ذلك ولا يقصدون غيره ، وعليه عملهم وعرفهم مع كونه حقيقة اللفظ . وقد وقع لشيخ مشايخنا الصدر الأجل المولى ابن كمال باشا مثل ما وقع من ابن الهمام من الاعتماد على هؤلاء الأئمة العظام .

قال : ويقطع عرق شبهة الاختلاف في صورة أولاد أولادي ما نقله في الذخيرة عن شمس الأئمة السرخسي أن أولاد البنات يدخلون رواية واحدة ، وإنما الروايتان فيما إذا قال آمنوني على أولادي . ا هـ . وبهذا البيان اتضح أن ما وقع في بعض الكتب كالتجنيس والواقعات والمحيط الرضوي من ذكر الخلاف في العبارة المذكورة من قبيل نقل الخلاف في إحدى الصورتين قياسا على الأخرى مع قيام الفرق بينهما ، وما ذكروه في التعليل من أن ولد البنت ينسب لأبيه لا يساعدهم لأنه إن أريد أن الولد لا ينسب إلى الأم لغة وشرعا فلا وجه له ، إذ لا شبهة في صحة قول الواقف وقفت على أولاد بناتي ، وإن أريد لا ينسب إليها عرفا فلا يجدي نفعا في عدم دخول ولد البنت في الصورة المذكورة لما عرف أن دخوله فيها بحكم العبارة لا بحكم العرف ، والدخول بحكم العرف إنما هو في صورتي الوجه الأول وهما ولدي [ ص: 465 ] وأولادي ، والتعليل المذكور ينطلق عليهما . وقد ذكر شيخ الإسلام ابن الشحنة أن العرف موافق للحقيقة اللغوية فيجب المصير إليه والتعويل عليه . ا هـ . وقد أجاب العلامة الحانوتي بمثل ما قاله المقدسي ( قوله : يشترك الإناث والذكور ) أي عند الاجتماع تغليبا للمذكر على المؤنث




الخدمات العلمية