الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1364 سورة الليل : باب في قوله تعالى : (والذكر والأنثى)

                                                                                                                              وهو في النووي ، في الجزء الثاني ، في : (باب ما يتعلق بالقراءات ) .

                                                                                                                              (حديث الباب )

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 108 ، 109 ج6 ، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن علقمة ؛ قال : قدمنا الشام ، فأتانا أبو الدرداء ؛ فقال : أفيكم أحد يقرأ على قراءة عبد الله ؟ فقلت : نعم . أنا .

                                                                                                                              [ ص: 826 ] قال : فكيف سمعت عبد الله يقرأ هذه الآية : والليل إذا يغشى ؟

                                                                                                                              قال : سمعته يقرأ والليل إذا يغشى والذكر ، والأنثى .

                                                                                                                              قال : وأنا . والله ! هكذا سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يقرؤها . ولكن هؤلاء يريدون : أن أقرأ : «وما خلق » ، فلا أتابعهم ) .


                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن علقمة ؛ قال : قدمنا الشام ، فأتانا أبو الدرداء رضي الله عنه ؛ فقال : أفيكم أحد يقرأ على قراءة عبد الله ؟ فقلت : نعم . أنا . قال : فكيف سمعت عبد الله يقرأ هذه الآية : والليل إذا يغشى قال : سمعته يقرأ : والليل إذا يغشى . والذكر والأنثى » . قال : وأنا . والله ! هكذا سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم يقرؤها . ولكن هؤلاء يريدون : أن أقرأ : «وما خلق الذكر والأنثى » فلا أتابعهم ) .

                                                                                                                              قال المازري : يجب أن يعتقد - في هذا الخبر ، وما في معناه أن ذلك كان قرآنا ، ثم نسخ . ولم يعلم من خالف النسخ ، فبقي على النسخ .

                                                                                                                              [ ص: 827 ] قال : ولعل هذا وقع من بعضهم ، قبل أن يبلغهم مصحف «عثمان » المجمع عليه ، المحذوف منه كل منسوخ .

                                                                                                                              وأما بعد ظهور «مصحف عثمان » ، فلا يظن بأحد منهم : أنه خالف فيه .

                                                                                                                              وأما ابن مسعود ؛ فرويت عنه روايات كثيرة ؛ منها ما ليس بثابت - عند أهل النقل - . وما ثبت منها - مخالفا لما قلناه - : فهو محمول على أنه كان يكتب في مصحفه : بعض الأحكام والتفاسير ؛ مما يعتقد أنه ليس بقرآن ، وكان لا يعتقد تحريم ذلك ، وكان يراه . كصحيفة يثبت فيها ما يشاء . وكان رأي عثمان والجماعة : منع ذلك ، لئلا يتطاول الزمان ، ويظن ذلك «قرآنا » .

                                                                                                                              قال : فعاد الخلاف إلى مسألة فقهية ، (وهي أنه : هل يجوز إلحاق بعض التفاسير - في أثناء المصحف - ؟

                                                                                                                              قال : ويحتمل ما روي «من إسقاط المعوذتين ، من مصحف ابن مسعود » أنه اعتقد أنه لا يلزمه : كتب كل القرآن ، وكتب ما سواهما ، وتركهما لشهرتهما عنده وعند الناس . والله أعلم . انتهى .

                                                                                                                              قال في (فتح البيان ) : قرأ الجمهور : «وما خلق الذكر والأنثى » [ ص: 828 ] وقرأ ابن مسعود : «والذكر والأنثى » ، بدون «وما خلق » .

                                                                                                                              قال : وقال المحلي «والخنثى المشكل » عندنا - : ذكر أو أنثى عند الله تعالى ، فيحنث بتكليمه : من حلف لا يكلم ذكرا ، ولا أنثى . انتهى .

                                                                                                                              وعبارة الخطيب : «الخنثى » - وإن أشكل أمره عندنا - فهو عند الله غير مشكل ، معلوم بالذكورة أو الأنوثة . انتهت .

                                                                                                                              وقال الكرخي : يحنث بتكليمه ، لأن الله تعالى لم يخلق من ذوي الأرواح : من ليس ذكرا ولا أنثى . «والخنثى » إنما هو مشكل بالنسبة إلينا ، خلافا لأبي الفضل الهمداني فيما حكاه وجها : أنه نوع ثالث . ويدفعه قوله : يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور . ونحو ذلك قال الأسنوي . انتهى كلام (فتح البيان ) .

                                                                                                                              قلت : ويمكن أن يقال : إن قوله تعالى : أو يزوجهم ذكرانا وإناثا : يشمل الخنثى ، أو يشير إليه ، لأنه يصدق عليه : التزويج [ ص: 829 ] بالذكورة والأنوثة . والله أعلم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية