الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإسبال شيء من ثيابه خيلاء ) . [ ص: 472 ] يعني يكره ، وهو أحد الوجهين ، وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والمذهب الأحمد ، والمستوعب ، والوجيز ، والرعاية الصغرى ، والحاويين ، والفائق ، وإدراك الغاية ، وتجريد العناية ، وغيرهم . وقدمه في الرعاية الكبرى . قلت : وهذا ضعيف جدا ، إن أرادوا كراهة تنزيه . ولكن قال المصنف في المغني ، والمجد في شرحه : المراد كراهة تحريم ، وهو الأليق . وحكي في الفروع ، والرعاية الكبرى : الخلاف في كراهته وتحريمه . والوجه الثاني : يحرم إلا في حرب ، أو يكون ثم حاجة . قلت : هذا عين الصواب الذي لا يعدل عنه ، وهو المذهب ، وهو ظاهر نص أحمد . قال في الفروع : ويحرم في الأصح إسبال ثيابه خيلاء في غير حرب بلا حاجة . قال الشيخ تقي الدين : المذهب هو حرام . قال في الرعاية : وهو أظهر وجزم به ابن تميم ، والشارح ، والناظم ، والإفادات .

تنبيه :

قوله ( يحرم ، أو يكره بلا حاجة ) . قالوا في الحاجة : كونه حمش الساقين . قاله في الفروع ، والمراد : ولم يرد التدليس على النساء . انتهى .

فظاهر كلامهم : جواز إسبال الثياب عند الحاجة . قلت : وفيه نظر بين ، بل يقال : يجوز الإسبال من غير خيلاء لحاجة . وقال في الفروع : ويتوجه هذا في قصيرة اتخذت رجلين من خشب فلم تعرف .

فوائد منها : يجوز الاحتباء على الصحيح من المذهب . وعنه يكره . وعنه يحرم وأما مع كشف العورة : فيحرم قولا واحدا ومنها : يكره أن يكون ثوب الرجل إلى فوق نصف ساقه ، نص عليه . ويكره زيادته إلى تحت كعبيه بلا حاجة ، على الصحيح من الروايتين . وعنه " ما تحتهما في النار " وذكر الناظم : من لم يخف خيلاء لم يكره . والأولى تركه ، هذا في حق الرجل . [ ص: 473 ] وأما المرأة : فيجوز زيادة ثوبها إلى ذراع مطلقا ، على الصحيح من المذهب . وقال جماعة من الأصحاب : ذيل نساء المدن في البيت كالرجل ، منهم السامري في المستوعب ، وابن تميم ، والرعايتين . ومنها . قال جماعة من الأصحاب : يسن تطويل كم الرجل إلى رءوس أصابعه ، أو أكثر بيسير ، ويوسعها قصدا . ويسن تقصير كم المرأة . قال في الفروع : واختلف كلامهم في سعته قصدا . قال في التلخيص : ويستحب لها توسيع الكم من غير إفراط .

بخلاف الرجل . ومنها : يكره لبس ما يصف البشرة للرجل والمرأة الحي والميت ، ولو لامرأة في بيتها ، نص عليه . وقال أبو المعالي : لا يجوز لبسه . وذكر جماعة : لا يكره لمن لم يرها إلا زوج أو سيد . وذكره أبو المعالي ، وصاحب المستوعب ، والناظم في آدابه . قال في الرعاية ، وهو الأصح . وأما لبسها ما يصف اللين والخشونة والحجم فيكره . منها : كره الإمام أحمد الزيق العريض للرجل .

واختلف قوله فيه للمرأة . قال القاضي : إنما كره لإفضائه إلى الشهرة . وقال بعضهم : إنما كره الإفراط جمعا بين قوليه . وقال أحمد في الفرج للدراعة من بين يديها : قد سمعت . ولم أسمع من خلفها ، إلا أن فيه سعة عند الركوب ومنفعة . ومنها : كره الإمام أحمد والأصحاب لبس زي الأعاجم ، كعمامة صحاء ، وكنعل صرارة للزينة لا للوضوء ونحوه . ومنها : يكره لبس ما فيه شهرة ، أو خلاف زي بلدة من الناس على الصحيح من المذهب . وقيل : يحرم . ونصه لا . وقال الشيخ تقي الدين : يحرم شهرة ، وهو ما قصد به الارتفاع ، وإظهار التواضع لكراهة السلف لذلك . وأما الإسراف في المباح : فالأشهر لا يحرم . قاله في الفروع . وحرمه الشيخ تقي الدين .

التالي السابق


الخدمات العلمية