الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
. باب رفع اليدين في الصلاة قال سألت الشافعي : أين ترفع الأيدي في الصلاة ؟ قال : يرفع المصلي يديه في أول ركعة ثلاث مرات ، وفيما سواها من الصلاة مرتين مرتين يرفع يديه حين يفتتح الصلاة مع تكبيرة الافتتاح حذو منكبيه ويفعل ذلك عند تكبيرة الركوع وعند قوله " سمع الله لمن حمده " حين يرفع رأسه من الركوع ولا تكبيرة للافتتاح إلا في الأول وفي كل ركعة تكبير ركوع ، وقول سمع الله لمن حمده عند رفع رأسه من الركوع فيرفع يديه في هذين الموضعين في كل صلاة ، والحجة في هذا أن مالكا أخبرنا عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك ، وكان لا يفعل ذلك في السجود } ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : أخبرنا سفيان عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وإذا أراد أن يركع وإذا أراد رفع رأسه من الركوع ولا يرفع في السجود } قال : وروى هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم بضعة عشر رجلا ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : أخبرنا سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال : { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه عند افتتاح الصلاة وحين يريد أن يركع وإذا رفع من الركوع } قال : ثم قدمت عليهم في الشتاء فرأيتهم يرفعون أيديهم في البرانس .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا ابتدأ الصلاة رفع يديه حذو منكبيه ، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما دون ذلك فقلت للشافعي : فإنا نقول : يرفع يديه حين يفتتح الصلاة ثم لا يعود لرفعهما ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : فأنتم إذا تتركون ما روى مالك عن رسول الله ثم عن ابن عمر فكيف جاز لكم لو لم تعلموا علما إلا أن تكونوا رويتم رفع اليدين في الصلاة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرتين أو ثلاثا ؟ وعن ابن عمر مرتين فاتبعتم النبي صلى الله عليه وسلم في إحداهما وتركتم اتباعه في الأخرى ، ولو جاز أن يتبع أحد أمريه دون الآخر جاز لرجل أن يتبع أمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث تركتموه ويتركه حيث اتبعتموه ولكن لا يجوز لأحد علمه من المسلمين عندي أن يتركه إلا ناسيا أو ساهيا فقلت للشافعي : فما معنى رفع اليدين عند الركوع ؟ فقال : مثل معنى رفعهما عند الافتتاح تعظيما لله وسنة متبعة يرجى فيها ثواب الله ، ومثل رفع اليدين على الصفا والمروة وغيرهما ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : أرأيت إذا كنتم تروون عن ابن عمر شيئا فتتخذونه أصلا يبنى عليه فوجدتم ابن عمر يفعل شيئا في الصلاة فتركتموه عليه وهو موافق ما روي عن النبي [ ص: 212 ] صلى الله عليه وسلم أفيجوز لأحد أن يفعل ما وصفتم من اتخاذ قول ابن عمر منفردا حجة ثم تتركون معه سنة رسول الله لا مخالف له من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا غيرهم ممن تثبت روايته ؟ من جهل هذا انبغى أن لا يجوز له أن يتكلم فيما هو أدق من العلم قلت : فهل خالفك في هذا غيرنا ؟ قال : نعم بعض المشرقيين وخالفوكم فقالوا : يرفع يديه حذو أذنيه في ابتداء الصلاة فقلت : هل رووا فيه شيئا ؟ قال : نعم ما لا نثبت نحن ولا أنتم ولا أهل الحديث منهم مثله ، وأهل الحديث من أهل المشرق يذهبون مذهبنا في رفع الأيدي ثلاث مرات في الصلاة فتخالفهم مع خلافكم السنة وأمر العامة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . .

التالي السابق


الخدمات العلمية