الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم كذلك يضرب الله للناس أمثالهم

                                                                                                                                                                                                                                      ذلك إشارة إلى ما مر من إضلال الأعمال وتكفير السيئات وإصلاح البال، وهو مبتدأ [ ص: 92 ] خبره قوله تعالى: بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم أي: ذلك كائن بسبب أن الأولين اتبعوا الشيطان كما قاله مجاهد ففعلوا ما فعلوا من الكفر والصد فبيان سببية اتباعه للإضلال المذكور متضمن لبيان سببيتهما له لكونه أصلا مستتبعا لهما قطعا وبسبب أن الآخرين اتبعوا الحق الذي لا محيد عنه كائنا من ربهم ففعلوا ما فعلوا من الإيمان به وبكتابه ومن الأعمال الصالحة فبيان سببية اتباعه لما ذكر من التكفير والإصلاح بعد الإشعار بسببية الإيمان والعمل الصالح له متضمن لبيان سببيتهما له لكونه مبدأ ومنشأ لهما حتما فلا تدافع بين الإشعار والتصريح في شيء من الموضعين، ويجوز أن يحمل الباطل ما يقابل الحق وهو الزائل الذاهب الذي لا أصل له أصلا فالتصريح بسببية اتباعه لإضلال أعمالهم وإبطالها لبيان أن إبطالها لبطلان مبناها وزواله وأما حمله على ما لا ينتفع به فليس كما ينبغي لما أن الكفر والصد أفحش منه فلا وجه للتصريح بسببيته لما ذكر من إضلال أعمالهم بطريق القصر بعد الإشعار بسببيتهما له فتدبر، ويجوز أن يراد بالباطل نفس الكفر والصد وبالحق نفس الإيمان والأعمال الصالحة; فيكون التنصيص على سببيتهما لما ذكر من الإضلال ومن التكفير والإصلاح تصريحا بالسببية المشعر بها في الموقعين. كذلك أي: مثل ذلك الضرب البديع. يضرب الله أي: يبين. للناس أمثالهم أي: أحوال الفريقين وأوصافهما الجارية في الغرابة مجرى الأمثال وهي اتباع الأولين الباطل وخيبتهم وخسرانهم واتباع الآخرين الحق وفوزهم وفلاحهم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية