الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                الثالثة : قال النووي : اعلم أن مراد أصحابنا بالشك في الماء والحدث والنجاسة والصلاة والعتق والطلاق وغيرها : هو التردد بين وجود الشيء وعدمه ، سواء كان الطرفان في التردد سواء أو أحدهما راجحا فهذا معناه في استعمال الفقهاء وكتب الفقه .

                أما أصحاب الأصول : فإنهم فرقوا بين ذلك وقالوا : التردد إن كان على السواء فهو شك ، وإن كان أحدهما راجحا فالراجح ظن والمرجوح وهم .

                ووقع للرافعي : أنه فرق بينهما في الحدث فقال : إنه يرفع بظن الطهر ، لا بالشك فيه وتبعه في الحاوي الصغير وقيل : إنه غلط معدود من أفراده قال ابن الرفعة : لم أره لغيره قال في المهمات : وفي الشامل إنما قلنا بنقض الوضوء بالنوم مضطجعا ; لأن الظاهر خروج الحدث فصدق أن يقال : رفعنا يقين الطهارة بظن الحدث بخلاف عكسه فكأن الرافعي أراد ما ذكره ابن الصباغ فانعكس عليه ولمجلي احتمال فيما إذا ظن الحدث بأسباب عارضة في تخريجه على قولي الأصل والغالب .

                قال الزركشي : وما زعمه النووي من أنه في سائر الأبواب لا فرق فيه بين المساوي والراجح يرد عليه أنهم فرقوا في مواضع كثيرة .

                منها : في الإيلاء لو قيد بمستبعد الحصول في الأربعة ، كنزول عيسى فمؤول ، وإن ظن حصوله قبلها فلا ، وإن شك فوجهان .

                ومنها : شك في المذبوح ، هل فيه حياة مستقرة ، حرم للشك في المبيح . وإن غلب على ظنه بقاؤها حل .

                ومنها : في الأكل من مال الغير إذا غلب على ظنه الرضا جاز ، وإن شك فلا .

                ومنها : وجوب ركوب البحر في الحج إذا غلبت السلامة وإن شك فلا .

                ومنها : المرض إذا غلب على ظنه كونه مخوفا ، نفذ التصرف من الثلث وإن شككنا في كونه مخوفا لم ينفذ إلا بقول أهل الخبرة .

                ومنها : قال الرافعي في كتاب الاعتكاف : قولهم " لا يقع الطلاق بالشك " مسلم لكنه يقع بالظن الغالب انتهى .

                [ ص: 76 ] ويشهد له لو قال : إن كنت حاملا فأنت طالق فإذا مضت ثلاثة أقراء من وقت التعليق وقع الطلاق ، مع أن الأقراء لا تفيد إلا الظن ولهذا أيد الإمام احتمالا بعدم الوقوع .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية