الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الرابعة : يكره الصليب في الثوب ونحوه ، على الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب ، ويحتمل تحريمه ، وهو ظاهر نقل صالح . قلت : وهو الصواب . [ ص: 475 ] قوله ( ولا يجوز للرجل لبس ثياب الحرير ) بلا نزاع من حيث الجملة . فتحرم تكة الحرير والشرابة المفردة ، نص عليه . ويحرم افتراشه ، والاستناد إليه . ويحرم ستر الجدر به ، على الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب . ونقل المروذي : يكره . قال في الفروع : وهو ظاهر كلام من ذكر تحريم لبسه فقط . ومثله تعليقه .

وذكر الأزجي وغيره : لا يجوز الاستجمار بما لا ينقي ، كالحرير الناعم . وحرم الأكثر استعماله مطلقا . قال في الفروع : فدل أن في فشخانة والخيمة والبقجة وكدالة ونحوه الخلاف . قوله ( وما غالبه الحرير ) أي : لا يجوز لبسه ، والصحيح من المذهب : أن الغالب يكون بالظهور ، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد ، وجزم به في الوجيز وغيره . وقدمه في التلخيص وغيره . وقيل : الاعتبار بالغالب في الوزن . وقدمه في الرعاية الكبرى . وأطلقهما في الفروع ، والآداب ، والفائق ، وابن تميم ، والحواشي .

تنبيه : ظاهر كلام المصنف : أنه لا يجوز للكافر لبس ثياب الحرير . قال في القواعد الأصولية : وهو ظاهر كلام الإمام أحمد والأصحاب . قاله بعض المتأخرين ، وبناه بعضهم على القاعدة ، واختار الشيخ تقي الدين : الجواز . قال : وعلى قياسه : بيع آنية الذهب والفضة للكفار . وإذا جاز بيعها لهم جاز صنعها لبيعها لهم ، وعملها لهم بالأجرة . انتهى .

فائدة :

الخنثى المشكل في الحرير ونحوه كالذكر . جزم به في الحاويين ، والرعاية الصغرى . وقال في الكبرى : والخنثى في الحرير ونحوه في الصلاة وعنه وغيرها كذكر . قوله ( فإن استوى هو وما نسج معه فعلى وجهين ) وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ومسبوك الذهب ، والمذهب الأحمد ، [ ص: 476 ] والمستوعب ، والمغني ، والكافي ، والهادي ، والتلخيص ، وابن تميم ، والمحرر ، والحاويين ، وابن منجا في شرحه ، والنظم ، والشرح ، والفائق ، وشرح ابن رزين ، والفروع ، والرعايتين .

لكن إنما أطلق في الرعاية الكبرى : الخلاف فيما إذا استويا وزنا ، بناء على ما قدمه . أحدهما : يجوز ، وهو المذهب ، صححه في التصحيح . وجزم به في الوجيز ، وصححه في تصحيح المحرر . وقال : صححه المصنف يعني المجد وهو ظاهر ما جزم به في البلغة ، وتذكرة ابن عبدوس ، والإفادات ، والمنور ، والمنتخب ، والتسهيل ; لأنهم قالوا في التحريم : أو ما غالبه الحرير . وإليه أشار ابن البنا . والوجه الثاني : يحرم . قال ابن عقيل في الفصول ، والشيخ تقي الدين في شرح العمدة : الأشبه أنه يحرم ; لعموم الخبر . قال في الفصول : لأن النصف كثير ، وليس تغليب التحليل بأولى من التحريم . ولم يحك خلافه . قال في المستوعب ، وإليه أشار أبو بكر في التنبيه : أنه لا يباح لبس القسي والملحم .

تنبيه : ظاهر كلام المصنف : دخول الخز في الخلاف ، إذا قلنا : إنه من إبريسم وصوف ، أو وبر ، وهو اختيار ابن عقيل ، وصاحب المذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والرعاية ، وغيرهم ، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب ، والصحيح من المذهب : إباحة الخز ، نص عليه . وفرق الإمام أحمد بأنه قد لبسه الصحابة ، وبأنه لا سرف فيه ولا خيلاء . وجزم به في الكافي ، والمغني ، والشرح ، والرعاية الكبرى . وقدمه في الآداب وغيره .

فائدة :

" الخز " ما عمل من صوف وإبريسم . قاله في المطلع في كتاب النفقات قال في المذهب ، والمستوعب : هو المعمول من إبريسم ووبر طاهر . كوبر [ ص: 477 ] الأرنب وغيرها . واقتصر على هذا في الرعاية والآداب . قال : وما عمل من سقط حرير ومشاقته ، وما يلقيه الصانع من بله من تقطع الطاقات إذا دق وغزل ونسج . فهو كحرير خالص في ذلك ، وإن سمي الآن خزا . قال في المطلع : والخز الآن المعمول من الإبريسم . وقال المجد في شرحه ، وغيره : الخز : ما سدي بالإبريسم وألحم بوبر أو صوف ، لغلبة اللحمة على الحرير . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية