الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب إذا اختلفوا في الطريق الميتاء هي الرحبة تكون بين الطريق ثم يريد أهلها البنيان فترك منها الطريق سبعة أذرع

                                                                                                                                                                                                        2341 حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا جرير بن حازم عن الزبير بن خريت عن عكرمة سمعت أبا هريرة رضي الله عنه قال قضى النبي صلى الله عليه وسلم إذا تشاجروا في الطريق بسبعة أذرع

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله ( باب إذا اختلفوا في الطريق الميتاء ) بكسر الميم وسكون التحتانية بعدها مثناة ومد بوزن مفعال من الإتيان ، والميم زائدة ، قال أبو عمرو الشيباني : الميتاء : أعظم الطرق وهي التي يكثر مرور الناس بها . وقال غيره : هي الطريق الواسعة وقيل العامرة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وهي الرحبة تكون بين الطريقين ثم يريد أهلها البنيان إلخ ) وهو مصير منه إلى اختصاص هذا الحكم بالصورة التي ذكرها ، وقد وافقه الطحاوي على ذلك فقال : لم نجد لهذا الحديث معنى أولى من حمله على الطريق التي يراد ابتداؤها إذا اختلف من يبتدئها في قدرها كبلد يفتحها المسلمون وليس فيها طريق [ ص: 142 ] مسلوك وكموات يعطيه الإمام لمن يحييها إذا أراد أن يجعل فيها طريقا للمارة ونحو ذلك . وقال غيره : مراد الحديث أن أهل الطريق إذا تراضوا على شيء كان لهم ذلك ، وإن اختلفوا جعل سبعة أذرع وكذلك الأرض التي تزرع مثلا إذا جعل أصحابها فيها طريقا كان باختيارهم وكذلك الطريق التي لا تسلك إلا في النادر يرجع في أفنيتها إلى ما يتراضى عليه الجيران .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن الزبير بن خريت ) بكسر الخاء المعجمة وتشديد الراء المكسورة بعدها تحتانية ساكنة ثم مثناة ، بصري ما له في البخاري سوى هذا الحديث وحديثين في التفسير وآخر في الدعوات ، وقد أورد ابن عدي هذا الحديث في أفراد جرير بن حازم راويه عن الزبير هذا ، فهو من غرائب الصحيح ولكن شاهده في مسلم من حديث عبد الله بن الحارث عن ابن عباس ، وعند الإسماعيلي من طريق وهب بن جرير عن أبيه سمعت الزبير .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( إذا تشاجروا ) تفاعلوا من المشاجرة بالمعجمة والجيم أي تنازعوا وللإسماعيلي " إذا اختلف الناس في الطريق " ولمسلم من طريق عبد الله بن الحارث عن أبي هريرة " إذا اختلفتم " وأخرجه أبو عوانة في صحيحه وأبو داود والترمذي وابن ماجه من طريق بشير بن كعب وهو بالتصغير والمعجمة عن أبي هريرة بلفظ إذا اختلفتم في الطريق فاجعلوه سبعة أذرع ومثله لابن ماجه من حديث ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( في الطريق ) زاد المستملي في روايته " الميتاء " ولم يتابع عليه وليست بمحفوظة في حديث أبي هريرة ، وإنما ذكرها المؤلف في الترجمة مشيرا بها إلى ما ورد في بعض طرق الحديث كعادته وذلك فيما أخرجه عبد الرزاق عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اختلفتم في الطريق الميتاء فاجعلوها سبعة أذرع وروى عبد الله بن أحمد في " زيادات المسند " والطبري من حديث عبادة بن الصامت قال : " قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الطريق الميتاء " فذكره في أثناء حديث طويل ولابن عدي من حديث أنس " قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الطريق الميتاء التي تؤتى من كل مكان " فذكره وفي كل من الأسانيد الثلاثة مقال .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( بسبعة أذرع ) الذي يظهر أن المراد بالذراع ذراع الآدمي فيعتبر ذلك بالمعتدل ، وقيل المراد بالذراع ذراع البنيان المتعارف ، قال الطبري : معناه أن يجعل قدر الطريق المشتركة سبعة أذرع ثم يبقى بعد ذلك لكل واحد من الشركاء في الأرض قدر ما ينتفع به ولا يضر غيره ، والحكمة في جعلها سبعة أذرع لتسلكها الأحمال والأثقال دخولا وخروجا ويسع ما لا بد لهم من طرحه عند الأبواب ويلتحق بأهل البنيان من قعد للبيع في حافة الطريق ، فإن كان الطريق أزيد من سبعة أذرع لم يمنع من القعود في الزائد ، وإن كان أقل منع لئلا يضيق الطريق على غيره .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية