الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
باب هبة المريض ( قال : ولا يجوز هبة المريض ، ولا صدقته إلا مقبوضة فإذا قبضت : جازت ) ، وقال ابن أبي ليلى : تجوز غير مقبوضة ; لأنها وصية بدليل أنها تعتبر من الثلث فالوصية تتأكد بالموت - قبضت أو لم تقبض - ولا تبطل به ، فكذلك الهبة في المرض ; وهذا لأن المرض سبب الموت ، وجعل ما يباشره المريض في الحكم كالثابت بعد موته ، حتى لو طلق زوجته ثلاثا ، ورثته بمنزلة ما لو وقعت الفرقة بينهما بالموت ، فهذا مثله ، ولكنا نقول : المعنى الذي له ولأجله لا تتم الهبة والصدقة من الصحيح إلا بالقبض موجود في حق المريض ، وهو أنه تمليك بعقد تبرع ; فيكون ضعيفا في نفسه لا يفيد حكمه ، حتى ينضم إليه ما يؤيده ، وهذا في حق المريض أظهر ; لأن تصرفه أضعف من تصرف الصحيح . واعتباره من الثلث لا يدل على أنه غير ثابت في الحال - ككفالته ، فإعتاقه ، وهذا بخلاف الوصية ; فإنها خلافة - ثم الملك من ثمراتها ، والخلافة لا تكون إلا بعد الموت ، وهذا عقد تمليك ، لا يحتمل الإضافة ، فإذا لم يتفق قبل الموت تبطل بالموت ، كالبيع الموقوف ، إذا لم يتصل به الإجازة حتى مات أحدهما . ولا يقول : الطلاق يصير كالمضاف ، ولكن تقام العدة عند الموت مقام حقيقة النكاح أنها لحقها في ماله بعد تعلقه ، ولهذا اعتبرنا هبته من الثلث هنا ، وأن حق الوارث تعلق بثلثي ماله بمرضه ، فلإبقاء حقهم جعلنا هبته من الثلث .

التالي السابق


الخدمات العلمية