الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              5109 (11) باب تعليم الجاهل

                                                                                              [ 2611 ] عن عياض بن حمار المجاشعي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته : " ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا، كل مال نحلته عبدا حلال، وإني جعلت عبادي كلهم حنفاء ، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا". وذكر الحديث ، وسيأتي .

                                                                                              رواه أحمد ( 4 \ 162 )، ومسلم (2865) (63).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قوله تعالى : " كل مال نحلته عبدا حلال ") معنى نحلته : أعطيته ، والنحلة : العطية - كما تقدم - ويعني بها هنا : العطية بطريق شرعي ، فكأنه قال : كل [ ص: 712 ] من ملكته شيئا بطريق شرعي ، قليلا كان أو كثيرا ، خطيرا كان أو حقيرا ، فالانتفاع له به مباح مطلقا ، لا يمنع من شيء منه ، ولا يزاحم عليه ، والمال هنا : كل ما يتمول ، ويتملك من سائر الأشياء ، وفائدة هذه القضية الكلية رفع توهم من يتوهم أن ما يستلذ ويستطاب من رفيع الأطعمة والملابس والمناكح والمساكن محرم ، أو مكروه ، وإن كان ذلك من الكسب الجائز ، كما قد ذهب إليه بعض غلاة المتزهدة . وسيأتي استيعاب هذا المعنى في كتاب الزهد ، إن شاء الله تعالى .

                                                                                              و (قوله : " وإني خلقت عبادي كلهم حنفاء ") هو جمع حنيف ، وهو : المائل عن الأديان كلها إلى فطرة الإسلام ، وهذا نحو قوله صلى الله عليه وسلم : " كل مولود يولد على الفطرة ") وقد تقدم في كتاب القدر .

                                                                                              و (قوله : " وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ") يعني : شياطين الإنس من الآباء والمعلمين بتعليمهم ، وتدريبهم ، وشياطين الجن بوساوسهم . ومعنى اجتالتهم : أجالتهم ، أي : صرفتهم عن مقتضى الفطرة الأصلية ، كما قال : " حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه ، أو ينصرانه ، أو يمجسانه" . وفي الرواية الأخرى : " حتى يعبر عنه لسانه " يعني بما يلقي إليه الشيطان من الباطل والفساد المناقض لفطرة الإسلام .




                                                                                              الخدمات العلمية