الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( وصح استئجار الظئر بأجرة معلومة ) والقياس أن لا تصح ; لأنها ترد على استهلاك عين وهو اللبن فصار كاستئجار البقرة والشاة لشرب لبنها والبستان ليأكل ثمرته ، والاستحسان أنه يجوز ودليله قوله تعالى { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } والإجماع في ذلك وجرى التعامل به في الأعصار وتحقيقها عقد يرد على التربية واللبن تابع لها ، وقال بعضهم العقد يرد على اللبن والتربية والخدمة تابعة لها وإليه مال شمس الأئمة ، وقال هو الأصح والأول أشبه بالفقه وأقرب إليه ، وقال في الكافي وهو الصحيح والظئر المرأة ذات اللبن سواء كانت مسلمة أو كافرة حرة أو أمة أو مدبرة أو أم ولد أو مكاتبة كذا في قاضي خان وفي ابن فرشتا فلو عجزت المكاتبة وردت في الرق يحكم أبو يوسف ببقاء العقد وأبطله محمد وفي المحيط وأجرت الأمة الفاجرة أو الكافرة نفسها ظئرا جاز ; لأن الإجارة من التجارة ، ولو رضع الصبي جارية الظئر أو خادمها فلها الأجر كاملا ; لأن الظئر بمنزلة الأجير المشترك ، ولو استأجرت الظئر ظئرا فأرضعته فلها الأجر استحسانا ، ولو شرط عليها أن ترضع الصبي بنفسها فأرضعته بمن ذكر [ ص: 25 ] فلها الأجر ; لأن اشتراط الرضاع عليها بنفسها لا يفيد .

                                                                                        ولو اختلفا فقال أهل الصغير أرضعتيه بلبن شاة فلا أجر لك ، وقالت أرضعته بلبن آدمية فلي الأجر فالقول قولها مع يمينها ; لأن الظاهر يشهد لها وإن أقاما البينة فالبينة بينتها ; لأنها مثبتة وإن شرطوا عليها إرضاع الصبي في منزل الأب ، فليس للظئر أن تخرج به منه ; لأن الإرضاع في منزل الأب أجود للصبي وليس لهم أن يحبسوا الظئر في منزلهم إن لم يشترطوا ذلك . ا هـ .

                                                                                        ولا يخفى أنه لا بد من أن تكون المدة معلومة ولهذا قال في التجريد ولا بد أن تكون المدة معلومة وما جاز في استئجار العبد للخدمة جاز في الظئر وما بطل هناك بطل هنا وفي الأصل ، وإذا جازت هذه الإجارة ينظر بعد ذلك إن شرط في عقد الإجارة أنها ترضع الصبي في منزل الأب اعتبر ، ولو لم يكن هناك شرط ينظر للعرف إن كانت ترضع في منزل الأب أو في منزلها يعمل به وإلا فلها الخيار إن شاءت أرضعت الصبي في منزل الأب أو في منزلها . ا هـ .

                                                                                        قال الأكمل فإن قلت الظئر أجير خاص أو مشترك ، قلت هو أجير خاص يدل عليه لفظ المبسوط قال لو ضاع الصبي من يدها أو وقع فمات أو سرق من حلي الصبي أو ثيابه شيء لم تضمن الظئر ; لأنها بمنزلة الأجير الخاص وذكر في الذخيرة ما يدل على أنه كما يكون مشتركا يجوز أن يكون خاصا قال لو أجرت نفسها لقوم غير الأول ولم يعلم الأول فأرضعت كلا منهما صح وتصير المرضعة أمينة وهذه خيانة منها ولها الأجر كاملا على الفريقين ، وهذا يدل على أنها تحتملهما معا فقلنا تجب الأجرة كاملا نظرا إلى أنها مشترك ويأثم نظرا إلى أنها خاص .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية