الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويجوز ) لمالك جدار ( فتح الكوات ) بفتح الكاف أشهر من ضمها أي الطاقات فيه علت أو سفلت وإن أشرفت على دار جاره وحريمه كما صرح به الشيخ أبو حامد كما أن له له إزالة بعضه أو كله كما مر ( والجدار ) الكائن ( بين المالكين ) لدارين ( قد يختص به ) أي بملكه ( أحدهما ) ويكون ساترا للآخر فقط ( وقد يشتركان فيه فالمختص ) به أحدهما ( ليس للآخر ) ولا لغيره المفهوم بالأولى تصرف فيه بما يضر مطلقا فيحرم عليه ( وضع الجذوع ) أي : الأخشاب ووضع جذع واحد ( عليه بغير إذن ) من مالكه ولا ظن رضاه ( في الجديد و ) على الجديد ( لا يجبر المالك عليه ) للخبر الحسن { لا ضرر ولا ضرار في الإسلام } وللخبر الصحيح { لا يحل لأحد من مال أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس } وفي رواية صحيحة { لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه } وبذلك يعلم [ ص: 210 ] أن الضمير في الخبر المتفق عليه { لا يمنعن جار جاره أن يضع خشبه في جداره } لصاحب الخشب ولأنه الأقرب أي : لا يمنعه الجار أن يضع خشبه على جدار نفسه وإن تضرر به لنحو منع ضوء فإن جعل الضمير للأول كان النهي للتنزيه بقرينة ذينك الخبرين نعم روى أحمد وأبو يعلى مرفوعا { للجار أن يضع خشبه على جدار غيره } وإن كره فإن صح أشكل على الجديد ؛ لأنه صريح لا يقبل تأويلا فإن قلت لو سلمنا عدم صحة هذا فذاك الدليل ظاهر في القديم ؛ لأن غاية ما يلزمه تخصيص واللازم للجديد مجاز والتخصيص خير منه كما هو مقرر في محله قلت إنما يظهر ذلك إن لم يوجد مرجح آخر وهو هنا كثرة العمومات المانعة من ذلك لا سيما وأحدها كان يوم حجة الوداع المختوم بها بيان الحلال والحرام إلا ما شذ وذلك ظاهر في تأخره عن ذلك الخصوص ويؤيده قول من قال إنما جاز ذلك لما استجاز أكثر أهل العلم مخالفة ذلك الخصوص وخرج ببين المالكين ساباط أراد وضع جذوعه على جدار جاره المقابل له فلا يجبر قطعا .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله بما يضر مطلقا ) احتراز عما لا يضر من نحو الاستناد إليه ( قوله ووضع جذع واحد ) قد تحمل أل في [ ص: 210 ] المتن على الجنس فيستغنى عن هذه الزيادة ( قوله أن الضمير ) أي : في جداره في قوله يعلم نظر ( قوله مجاز ) أي بالحمل على التنزيه ( قوله قلت إلخ ) في هذا الجواب نظر ؛ لأن قضية ما تقرر في الأصول تقديم الخاص وإن كثرت العمومات جدا وتأخرت قطعا ( قوله المانعة ) ممنوع .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله لمالك جدار ) أي : في الدرب النافذ وغيره سواء كان من أهل الدرب أم من غيرهم وللاستضاءة أم لا وأذنوا أم لا مغني ونهاية .

                                                                                                                              ( قوله بفتح الكاف ) إلى المتن في النهاية والمغني ( قوله علت إلخ ) والأوجه أن الكوة لو كان لها غطاء أو شباك يأخذ شيئا من هواء الدرب منعت وإن كان فاتحها من أهله خلافا للسبكي ا هـ نهاية .

                                                                                                                              قال ع ش قوله م ر منعت أي : حيث لا إذن كما هو ظاهر وإن لم يحصل بذلك ضرر لأهل الدرب ؛ لأن الهواء مشترك والمشترك لا ينتفع به بغير إذن من الشركاء وليس من الإذن اعتياد الناس فتح الطاقات التي لها غطاء والشبابيك التي لها ذلك من غير معارض ا هـ .

                                                                                                                              وقوله أي : ع ش وإن لم يحصل بذلك ضرر إلخ ينبغي تخصيصه كما يدل عليه التعليل بالدرب غير النافذ وقول النهاية خلافا للسبكي عبارة المغني تنبيه غالب ما تفتح الكوة للاستضاءة وله نصب شباك عليها بحيث لا يخرج منه شيء فإن خرج هو أو غطاؤه كان كالجناح قال السبكي فليتنبه لهذا فإن العادة أن يعمل في الطاقات أبواب تخرج فتمنع من هواء الدرب هذا في حق من ليس له الفتح للاستطراق فإن كان له ذلك فلا منع من أبواب الطاقات ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله كما مر ) أي : في شرح وله فتحه إذا سمره إلخ ( قوله الكائن ) بين به أن قول المصنف بين إلخ متعلق بمحذوف صفة للجدار ا هـ ع ش أي ودفع به توهم أن الجدار مشترك بينهما فينافي قوله قد يختص به إلخ ( قوله لدارين ) أي مثلا ا هـ ع ش ( قوله أي بملكه ) إلى قوله نعم في النهاية إلا قوله وفي رواية إلى وبذلك ( قوله بما يضر مطلقا ) احتراز عما لا يضر من نحو الاستناد إليه ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله مطلقا ) أي : ولو على بعد ( قوله ووضع جذع واحد ) قد يحمل أل في المتن على الجنس فيستغني عن هذه الزيادة ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله للخبر الحسن إلخ ) قدمه لعمومه ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله للخبر الحسن ) إلى قوله نعم في المغني إلا قوله وفي رواية إلى وبذلك ( قوله وللخبر الصحيح ) وقياسا على سائر أمواله نهاية ومغني ( قوله لأحد ) وفي النهاية والمغني لامرئ ( قوله من مال أخيه ) هو جري على الغالب وإلا فالذمي كذلك ا هـ ع ش ( قوله مسلم ) ليس بقيد كما مر ( قوله وبذلك يعلم إلخ ) فيه نظر [ ص: 210 ] ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله أن الضمير ) أي : ضمير جداره ا هـ سم ( قوله أن يضع خشبه ) روي بالإفراد منونا والأكثر بالجمع مضافا انتهى محلى ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله ولأنه إلخ ) عطف على قوله بذلك يعلم إلخ بحسب المعنى ( قوله لا يمنعه ) أي : الجار الثاني في الحديث وكذا ضمير أن يضع إلخ ( قوله وإن تضرر ) أي : الجار الأول ( قوله فإن جعل إلخ ) أي : كما هو المتبادر وجرى عليه رواية أبو هريرة رضي الله عنه ( قوله للأول ) أي : للجار الأول في الحديث ( قوله ذينك الخبرين ) أي : الحسن والصحيح وأما قوله وفي رواية إلخ فداخل في الصحيح ( قوله : لأنه صريح ) أي : في القديم ( قوله عدم صحة هذا ) أي ما رواه أحمد وأبو يعلى ( قوله فذاك إلخ ) أي : الخبر المتفق عليه ( قوله ما يلزمه ) أي : القديم أي : حمل الخبر المتفق عليه على القديم بجعل الضمير للجار الأول فيه ( قوله تخصيص ) أي : للأحاديث الثلاثة الأول بغير الجدار بين المالكين ا هـ كردي .

                                                                                                                              ( قوله مجاز ) أي : بحمل الخبر المتفق عليه على التنزيه سم وكردي ( قوله قلت إلخ ) في هذا الجواب نظر ؛ لأن قضية ما تقرر في الأصول تقديم الخاص وإن كثرت العمومات جدا وتأخرت قطعا ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله إنما يظهر ذلك ) أي : كون الخبر المتفق عليه ظاهرا في القديم قاله الكردي ويظهر أن الإشارة إلى قولهم والتخصيص خير من المجاز ( قوله مرجح ) أي للجديد ا هـ كردي ويظهر أن المراد للمجاز ( قوله المانعة ) ممنوع ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله من ذلك ) أي من الحديث الوارد في القديم ا هـ كردي ويظهر أن المشار إليه هو التخصيص ( قوله بها ) أي : يوم حجة الوداع ( قوله وذلك ) أي : الكون في يوم حجة الوداع ( في تأخره ) أي : ذلك الواحد ( قوله عن ذلك الخصوص ) أي خصوص الجدار يعني الحديث الوارد فيه ا هـ كردي ويجوز أن يكون الخصوص بمعنى الخاص أي : الخبر المتفق عليه الخاص بالجدار .

                                                                                                                              ( قوله ويؤيده ) أي : التأخر ( وقوله ذلك الخصوص ) أراد به الوضع على الجدار ا هـ كردي أي : استثناء الشارع وضع الجذوع على الجدار ( قوله حينئذ ) لا يظهر له موقع هنا إلا أن يراد بذلك حين ورود ذلك الخصوص أو حين ؛ إذ كان الجدار بين المالكين ( قوله ولولا ذلك ) أي : التأخر ( وقوله مخالفة ذلك الخصوص ) أي : الوضع على الجدار بغير رضا صاحبه ا هـ كردي ( قوله وخرج ) إلى قوله ثم رأيت الزركشي في المغني وكذا في النهاية إلا قوله أو الإجارة المؤبدة وقوله أو المستأجر في موضعين وقوله يضمن ( قوله أراد وضع إلخ ) أي : أراد أن يبنيه على شارع أو درب غير نافذ وأن يضع طرف الجذوع على جدار إلخ نهاية ومغني ( قوله فلا يجبر إلخ ) عبارة النهاية والمغني فإنه لا يجوز إلا بالرضا قطعا كما قاله المتولي وغيره ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية