الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا

                                                          * * *

                                                          أولئك الذين غلب عليهم الهوى، ودفعهم تعصبهم الأعمى إلى أن يحالفوا أولياء الشيطان على أولياء الرحمن ويمالئوهم في القول والعمل، فيسجدوا لأصنامهم، ويزكوا أفعالهم، [ ص: 1715 ] ويقولوا إن طريقهم هو طريق الهداية، وطريق أهل التوحيد لا هداية فيه! بسبب هذا لعنهم الله تعالى بأن طردهم من رحمته، فكتب عليهم بغض الناس في الدنيا، والذل والمقت فيها، وعذاب الله تعالى في الآخرة. والإشارة في قوله تعالى: "أولئك" إشارة إليهم موصوفين بالصفات التي وصفهم الله بها من نفاق، وخداع، وكذب، وتعصب وسيطرة الهوى على نفوسهم، وضياع الحقوق بينهم، وهذه الصفات هي سبب الطرد من رحمة الله تعالى. وإذا كانوا مطرودين من رحمة الله قد كتب الله تعالى غضبه عليهم، فلن ينصرهم أحد من أهل الأرض كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز [المجادلة]، فإذا كانوا قد ذهبوا إلى أهل مكة يستنصرون بهم فلن ينصروهم، ولن يثقوا بهم؛ ولذلك قال تعالى: فلن تجد له نصيرا أي فلن تجد للملعون الذي طرده الله تعالى من رحمته نصيرا ينصره من الناس، و"لن" هنا لتأكيد النفي، ويقول الزمخشري : "إن لن تفيد تأكيد النفي أبدا"، أي أنهم لم ينصرهم الله ولن يجدوا أبدا نصيرا من الناس تستمر نصرته، وإذا استطاعوا أن يستنصروا بأمثالهم في هذه الأيام، فإن الخذلان وراءهم إن شاء الله تعالى، وهم أشد مقتا عند الله وعند الناس في هذه الأيام كما كانوا في كل ماضيهم، والله المنتقم الجبار. وقد أخبر الله تعالى نبيه بأنهم إذا كان لهم أحيانا نصيب من الملك غير مستقر ولا دائم، فسيكون ظلما كبيرا ولا يرضى الله لعباده أن يستمر فيهم ظلم.

                                                          * * *

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية