الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
تحذير الشارع عن مفارقة الجماعة وهم المتمسكون بالكتاب والسنة

وعن أبي ذر - رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من فارق الجماعة شبرا» ; أي : ولو ساعة ، أو في قليل من الأحكام ، «فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه» رواه أحمد ، وأبو داود .

«الربقة» - بكسر الراء وفتحها- : حبل فيه حلق ، يجعل كل حلقة منها في عنق الغنم ، ويقال لكل حلقة منها : «ربقة» .

والمراد بالجماعة - كما مر فيما سبق - : جماعة الصحابة ، ومن على طريقتهم وسيرهم في الاتباع ، وترك الابتداع ، وهي المراد بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر : «اتبعوا السواد الأعظم ، فإنه من شذ ، شذ في النار» رواه ابن ماجه من حديث أنس .

قال في «المرقاة» : يعبر به - أي : بالسواد الأعظم - عن الجماعة الكثيرة ، والمراد : ما عليه أكثر المسلمين . انتهى .

وهم أهل السنة والجماعة ، ولأنهم كثيرون بالنسبة إلى سائر الفرق الإسلامية اليوم .

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم ، يأخذ الشاذة والقاصية والناحية ، وإياكم والشعاب ، وعليكم بالجماعة والعامة» رواه أحمد عن معاذ بن جبل مرفوعا .

[ ص: 70 ] و «الشعاب» ; من الشعب ، وهو الوادي ، وتجتمع فيه طرق وتفترق منه طرق .

وقال : «إن الله لا يجمع أمتي على ضلالة ، ويد الله على الجماعة ، ومن شذ» ; أي : انفرد عن الجماعة ، وخرج عن طريقتهم المأثورة ، «شذ في النار» رواه الترمذي عن ابن عمر مرفوعا .

وفي هذه دلالة واضحة على الاعتصام بالكتاب والسنة ، وترك الشعاب المختلفة والطرق المتباينة الحادثة في دين الإسلام ، التي ابتدعها أهل البدع والإشراك ، وأصحاب الأهواء والضلالات .

وفيه أن الأمة لا تضل جميعها ، بل يكون فيها من يعمل بالهدى . وهذا صحيح موجود بوجود أهل الحديث والسنة في كل زمن وقطر وأفق ، وإن كانوا قليلين ، وأن يد الله عليهم لا يضرهم من خالفهم أو خذلهم .

ومن حمل لفظ الجماعة على غير أهل السنة ، فقد أبعد النجعة ، ولم يدرك معنى الحديث ، والحديث يفسر بعضه بعضا ، فتأمل .

التالي السابق


الخدمات العلمية