الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قلت: التفريق بين الشيئين يحتاج إلى ثبوت الوصف الفارق وثبوت تأثيره، والآمدي سلم لهم الوصف ونازعهم في كونه مؤثرا. [ ص: 46 ] والتحقيق أن ما ذكروه من الوصف متوجه في القدرة، فإن تعلقها بالمعدوم من باب التجويز، بخلاف العلم، فإن فساد تعلقه بالمعدوم ليس من باب التجويز، فإن المعدوم هنا معلوم للعالم، ليس المراد بذلك أن ثم صفة تصلح أن يعلم بها المعدوم إذا وجد، بل هو معلوم قبل وجوده، بخلاف القدرة فإن تعلقها بالمعدوم معناه أنها صفة صالحة لتعلق المعدوم إذا وجد.

قلت: وأيضا فإن قول القائل: المعني بكون المعلومات والمقدورات غير متناهية هو صلاحية العلم والقدرة للتعلق، وهو وإن سلم في القدرة، فلا يسلم في العلم، فإن الكلام ليس هو في إمكان العلم بها، بل في العلم الذي يقال إنه علم موجود أزلي متعلق بما لا نهاية له، وهذا أمر موجود.

وعن هذه الشبهة صار طائفة من النظار إلى استرسال العلم على آحاد نوع العرض، كما قاله أبو المعالي، وحكي ذلك عن أبي الحسين البصري وداود الجواربي. [ ص: 47 ]

قال أبو المعالي: "الأجسام جنس واحد، والأعراض أجناسها محصورة، وأفراد الجنس غير محصورة" قال: "فلا يجوز وجود أجناس لا تتناهى، لأنه يجب حينئذ وجود ما لا يتناهى في العلم، والدليل دال على نفي النهاية في هذا وهذا" . قال: "وأما آحاد الأعراض فإن العلم يسترسل عليها استرسالا، وأما الجواب بصلاحية التعلق فهو جواب الشهرستاني ونحوه".

التالي السابق


الخدمات العلمية