الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (7) قوله : الماعون : فيه أوجه، أحدها: أنه فاعول من المعن وهو الشيء القليل. يقال: "ماله معنة"، أي: قليل، قاله قطرب. الثاني: أنه اسم مفعول من أعانه يعينه. والأصل: معوون. وكان من حقه على هذا أن يقال: معون كمقول ومصون اسمي مفعول من قال وصان، ولكنه قلبت الكلمة: بأن قدمت عينها قبل فائها فصار موعون ، ثم قلبت الواو الأولى ألفا كقولهم "تابة" و "صامة" في توبة وصومة، فوزنه الآن مفعول. وفي هذا الوجه شذوذ من ثلاثة أوجه، أولها: كون [ ص: 124 ] مفعول جاء من أفعل وحقه أن يكون على مفعل كمكرم فيقال: معان كمقام. وإما مفعول فاسم مفعول الثلاثي. الثاني: القلب وهو خلاف الأصل: الثالث: قلب حرف العلة ألفا، وإن لم يتحرك، وقياسه على تابة وصامة بعيد لشذوذ المقيس عليه. وقد يجاب عن الثالث: بأن الواو متحركة في الأصل قبل القلب فإنه بزنة معوون.

                                                                                                                                                                                                                                      الثالث: من الأوجه الأول: أن أصله معونة والألف عوض من الهاء، ووزنه مفعل كملوم ووزنه بعد الزيادة: مافعل. واختلفت عبارات أهل التفسير فيه، وأحسنها: أنه كل ما يستعان به وينتفع به كالفأس والدلو والمقدحة وأنشد قول الأعشى:


                                                                                                                                                                                                                                      4657 - بأجود منه بماعونه إذا ما سماؤهم لم تغم



                                                                                                                                                                                                                                      ولم يذكر المفعول الأول للمنع: إما للعلم به، أي: يمنعون الناس أو الطالبين، وإما لأن الغرض ذكر ما يمنعونه لا من يمنعون، تنبيها على خساستهم وضنهم بالأشياء التافهة المستقبح منعها عند كل أحد.

                                                                                                                                                                                                                                      (تمت بعونه تعالى سورة أرأيت)

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية