الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5291 ) فصل : وينعقد النكاح بلفظ الإنكاح والتزويج . والجواب عنهما إجماعا ، وهما اللذان ورد بهما نص الكتاب في قوله سبحانه : { زوجناكها } . وقوله سبحانه : { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء } . وسواء اتفقا من الجانبين أو اختلفا ، مثل أن يقول : زوجتك بنتي هذه . فيقول : قبلت هذا النكاح ، أو هذا التزويج . ولا ينعقد بغير لفظ الإنكاح والتزويج . وبهذا قال سعيد بن المسيب ، وعطاء ، والزهري ، وربيعة ، والشافعي . وقال الثوري ، والحسن بن صالح ، وأبو حنيفة ، وأصحابه ، وأبو ثور ، وأبو عبيد ، وداود : ينعقد بلفظ الهبة والصدقة والبيع والتمليك . وفي لفظ الإجارة عن أبي حنيفة روايتان . وقال مالك ينعقد بذلك إذا ذكر المهر . واحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم زوج رجلا امرأة ، فقال : { قد ملكتكها بما معك من القرآن } . رواه البخاري .

                                                                                                                                            ولأنه لفظ ينعقد به تزويج النبي صلى الله عليه وسلم فانعقد به نكاح أمته ، كلفظ الإنكاح والتزويج ; ولأنه أمكن تصحيحه بمجازه ، فوجب تصحيحه ، كإيقاع الطلاق بالكنايات .

                                                                                                                                            ولنا قوله تعالى : { وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين } . فذكر ذلك خالصا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ; ولأنه لفظ ينعقد به غير النكاح فلم ينعقد به النكاح ، كلفظ الإجارة والإباحة والإحلال ; ولأنه ليس بصريح في النكاح ، فلا ينعقد به ، كالذي ذكرنا ; وهذا لأن الشهادة شرط في النكاح ، والكناية إنما تعلم بالنية ، ولا يمكن الشهادة على النية ، لعدم اطلاعهم عليها ، فيجب أن لا ينعقد ، وبهذا فارق بقية العقود والطلاق .

                                                                                                                                            وأما الخبر ، فقد روي : " زوجتكها " و " أنكحتكها " و " زوجناكها " . من طرق صحيحة . والقصة واحدة ، والظاهر أن الراوي روى بالمعنى ظنا منه أن معناها واحد ، فلا تكون حجة ، وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الألفاظ ، فلا حجة لهم فيه ; لأن النكاح انعقد بأحدها ، والباقي فضلة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية