الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : ( فإن أتاه بالثوب الجيد والمشروط عليه ثوب وسط وقال : خذ هذا وزدني درهما فلا بأس بذلك إن فعل ) وهذه في الحاصل ثمانية فصول أربعة في الثياب وأربعة في المقدرات أما في الثياب إن أتاه بأزيد وصفا أو بدون وصفا أو بأزيد قدرا أو بأنقص قدرا أما في الثياب إن أتاه بأزيد وصفا أو ذراعا بأن أتاه بأحد عشر ذراعا وقد كان المسلم فيه عشرة أذرع فقال : خذ هذا وزدني درهما يجوز وتكون تلك الزيادة بمقابلة صفة الجودة أو الذراع الزائد وذلك مستقيم ألا ترى أنه لو باعه ثوبا جيدا بثوب وسط ودرهم يجوز ولو باعه أحد عشر ذراعا بعشرة أذرع ودرهم يجوز فكذلك القبض بحكم السلم ولو أتاه بأنقص وصفا بأن أتاه بثوب رديء فقال : خذ هذا وأرد عليك درهما لا يجوز لأن هذا منهما إقالة للعقد في الصفة وحصة الصفة من رأس المال غير معلومة فلا تجوز الإقالة فيه وكذلك لو أتاه بتسعة أذرع فقال : خذ هذا [ ص: 154 ] وأرد عليك درهما لأن الذراع في الثوب صفة ولأن رأس المال لا ينقسم على ذرعان الثوب باعتبار الأجزاء فلم تكن حصة الذراع معلومة من رأس المال فلا تجوز الإقالة فيه أما في المقدرات لو أسلم عشرة دراهم في عشرة أقفزة حنطة وسط فأتاه بطعام جيد وقال : خذ هذا وزدني درهما فإنه لا يجوز لأن الدرهم الزائد بمقابلة الجودة ولا قيمة للجودة في الأموال الربوية ألا ترى أنه لو باع قفيز حنطة جيدة بقفيز وسط ودرهم لا يجوز وهذا في معنى ذلك فإنه يأخذ هذا القفيز الجيد عوضا عن الوسط الذي له في ذمته وعن الدرهم الزائد

ولو أتاه بأحد عشر قفيزا وقال : خذ هذا وزدني درهما جاز لأن الدرهم الزائد بمقابلة القفيز الزائد وهو جائز ولو أتاه بعشرة أقفزة رديئة فقال : خذ هذا وأرد عليك درهما لا يجوز لأنه لا قيمة للصفة فكيف تستقيم الإقالة على القيمة فيه ولو أتاه بتسعة أقفزة وقال : خذ هذا وأرد عليك درهما يجوز بخلاف الثوب لأن رأس المال ينقسم على القفيزين باعتبار الأجزاء فحصة القفيز من رأس المال معلومة بخلاف ذرعان الثوب وعن أبي يوسف أنه يجوز في الفصول كلها ذكر قوله في كتاب الصلح لأن رب السلم يزيد في رأس المال فتلحق الزيادة بأصل العقد أو المسلم إليه يحط شيئا من رأس المال والحط أيضا يلتحق بأصل العقد لا أن يكون بمقابلة الصفة أو يكون فيه إقالة العقد في شيء ثم المسلم إليه أجنبي في قضاء الدين إذا أتى بالأجود ورب السلم أحسن إليه حين تجوز بالرديء فإذا أمكن تحصيل مقصودهما بهذا الطريق وجب حمل تصرفهما عليه عملا بقوله تعالى { فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه } ولكنا نقول هذا إذا لم ينصا على النص والمقابلة أما إذا نصا على ذلك لا يمكن حمل فعلهما على التبرع كما لو باع درهما بدرهمين لا يجوز ولا يجعل أحد الدرهمين هبة وذكر أبو سليمان عن أبي يوسف رحمهما الله أن أبا حنيفة جوز ذلك في الثياب ولم يجوزه في الطعام وهذه الرواية تخالف رواية محمد في الثوب إذا أتاه بأردأ مما شرط أو بأنقص مما شرط والاعتماد على رواية محمد .

التالي السابق


الخدمات العلمية