الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( المسألة الرابعة ) إذا قلنا الإنسان وحده ناطق وكل ناطق حيوان فإنه ينتج الإنسان وحده حيوان ، وهذاخبر كاذب مع أن متقدماته صحيحة فكيف ينتج الصادق الخبر الكاذب ، وذلك إن جوزناه يبطل علينا باب الاستدلال .

والجواب أن الفساد إنما جاء من جهة أن المقدمة الأولى هي مقدمتان التفت إحداهما بالأخرى إحداهما سالبة والأخرى موجبة فإن قولنا الإنسان وحده ناطق معناه أنه ناطق [ ص: 59 ] وغيره غير ناطق هذا هو مدلول وحده لغة فإن جعلنا مقدمة الدليل هي الموجبة وحدها صح الكلام فإنه يصير الإنسان ناطقا ، وكل ناطق حيوان فينتج كل إنسان حيوان ولا محال في هذا .

وإن جعلنا مقدمة القياس هي السالبة لم يصح الإنتاج لفوات شرطه وهو أن الشكل الأول من شرطه أن تكون صغراه موجبة وهذه سالبة فلا يصح ألا ترى أنك إذا قلت لا شيء من الإنسان بحجر ، وكل حجر جسم كانت النتيجة لا شيء من الإنسان بجسم وهو باطل فلا بد أن تكون مقدمة القياس في هذا الشكل موجبة إذا كانت صغرى وهذا الكلام قد جعلت فيه سالبة فلذلك حصل فيه أمر محال ، وإن جعلنا مجموع المقدمتين مقدمة واحدة امتنع أيضا فإنه لا قياس عن ثلاث مقدمات ، ويلزم الفساد من كون إحداهما سالبة كما تقدم .

التالي السابق


حاشية ابن الشاط

قال شهاب الدين ( المسألة الرابعة )

إذا قلنا الإنسان وحده ناطق ، وكل ناطق حيوان فإنه ينتج الإنسان وحده حيوان وهذا كذب قلت أجاب بأن قول القائل الإنسان وحده ناطق في قوة مقدمتين موجبة وسالبة ، وأكمل جوابه بناء على [ ص: 59 ] ذلك وهو جواب حسن ولقائل أن يجيب بأن المقدمة الأولى لما قيد موضوعها بوحده كان يجب أن يذكر الموضوع في الثانية مقيدا بقيده ولو ذكر كذلك لظهر الفساد في المقدمة الثانية إذ ليس الإنسان وحده حيوانا بل هو وغيره ، ففساد النتيجة لفساد إحدى المقدمتين ، وهذا الجواب مغن عن الجواب الأول مع أنه حسن .



حاشية ابن حسين المكي المالكي

( المسألة الرابعة ) إنما كذبت نتيجة المقدمتين الصادقتين في الشكل الأول المنتظم بنحو قولك الإنسان وحده ناطق ، وكل ناطق حيوان ينتج الإنسان وحده حيوان وهذا خبر كاذب إذ ليس الإنسان وحده حيوانا بل هو وغيره لأحد أمرين

الأول أن المقدمة الأولى في الشكل المذكور مقدمتان موجبة وهي الإنسان ناطق وسالبة وهي مدلول وحده لغة وهي غير الإنسان غير ناطق فباعتبار مجموع المقدمتين والسالبة فقط في صغرى القياس المذكور صار كذب النتيجة لعدم إيجاب الصغرى الذي هو من شرط إنتاج الشكل الأول ، أما على اعتبار السالبة فقط فظاهر .

وأما على اعتبار المجموع فلأن الإيجاب مع النفي غير الإيجاب وحده إذ الشيء مع غيره في نفسه على أنه لا قياس عن ثلاث مقدمات ، واعتبار الموجبة فقط يقتضي عدم ذكر وحده في النتيجة فافهم

الأمر الثاني : أن المقدمة الأولى لما قيد موضوعها بوحده كان يجب أن يقيد موضوع الثانية بقيد موضوع الأولى أيضا ، ولو قيد كذلك لظهر فساد الثانية إذ ليس الإنسان وحده حيوانا بل هو وغيره ففساد النتيجة لفساد إحدى المقدمتين قلت وهذا الأمر الثاني أولى من الأمر الأول إذ ربما قيل على الأول بعدم تسليم كون مدلول وحده لغة الذي هو غير الإنسان غير ناطق قضية سالبة بل هي موجبة معدولة الطرفين فافهم




الخدمات العلمية