الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ويلزم ) التقليد ( غير مجتهد في غير ذلك ) أي : غير ما تقدم قال الموفق في الروضة : وأما التقليد في الفروع : فهو جائز إجماعا ، وذهب بعض القدرية إلى أن العامة يلزمهم النظر في الدليل ، واستدل لجواز التقليد في غير ما تقدم : بقوله سبحانه وتعالى { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } وهو عام ; لتكرره بتكرر الشرط ، وعلة الأمر بالسؤال : الجهل وأيضا الإجماع ، فإن العوام يقلدون العلماء من غير إبداء مستند من غير نكير ، وأيضا يؤدي إلى خراب الدنيا بترك المعائش والصنائع .

ولا يلزم في التوحيد والرسالة ليسره وقلته ، ودليله العقل قال المخالف : ورد عنه صلى الله عليه وسلم { طلب العلم فريضة على كل مسلم } رد لم يصح ، ثم المراد طلبه الشرعي ، فتقليد العامي المفتي منه فإن العلم لم يجب عند أحد ، بل النظر ( وله ) أي : للعامي ( استفتاء من عرفه عالما عدلا ، ولو ) كان الذي عرفه بالعلم والعدالة ( عبدا ، وأنثى ، وأخرس ) وتعلم فتياه ( بإشارة مفهومة وكتابة ) ; لأن المقصود من الاستفتاء : سؤال العالم العدل . وهذا كذلك ( أو رآه ) يعني أن للعامي أيضا : استفتاء من رآه ( منتصبا ) للإفتاء والتدريس ( معظما ) عند الناس ، فإن كونه كذلك يدل على علمه ، وأنه أهل للإفتاء ، ولا يجوز [ ص: 620 ] الاستفتاء في ضد ذلك عند العلماء ، وذكره الآمدي اتفاقا ، وهذا بالنسبة إلى نفسه ، وأما بالنسبة إلى الإخبار : فهو ما أشير إليه بقوله ( ويكفيه قول عدل خبير ) عند ابن عقيل والموفق وأبي إسحاق الشيرازي وجمع .

قال النووي : وهو محمول على من عنده معرفة يميز بها التلبيس من غيره وعند الباقلاني : لا بد من عدلين ، واعتبر الشيخ تقي الدين وابن الصلاح : الاستفاضة بأنه أهل للفتيا . ورجحه النووي في الروضة ، ونقله عن أصحابهم ، فعليه : لا يكتفى بواحد ، ولا باثنين ، ولا مجرد اعتزائه إلى العلم ، ولو بمنصب تدريس أو غيره ( ويلزم ولي الأمر ) عند الأكثر ( منع من لم يعرف بعلم ، أو جهل حاله ) من الفتيا . قال ربيعة : بعض من يفتي أحق بالسجن من السراق . انتهى .

ولأن الأصل ، والظاهر الجهل ، فالظاهر : أنه منه ولا يلزم الجهل بالعدالة ; لأنا نمنعه ، ونقول : لا يقبل من جهلت عدالته . وقال في المغني : إن من شهد مع ظهور فسقه لم يعزر ; لأنه لا يمنع صدقه ، وكلامه هو ، وغيره يدل على أنه لا يحرم أداء فاسق مطلقا .

التالي السابق


الخدمات العلمية