الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1068 149 - حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد وأبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي جالسا فيقرأ وهو جالس، فإذا بقي من قراءته نحو من ثلاثين أو أربعين آية قام فقرأها وهو قائم، ثم ركع، ثم سجد، يفعل في الركعة الثانية مثل ذلك، فإذا قضى صلاته نظر، فإن كنت يقظى تحدث معي، وإن كنت نائمة اضطجع.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا طريق آخر من حديث عائشة وعبد الله بن يزيد من الزيادة المخزومي المدني الأعور، وأبو النضر بفتح النون وسكون الضاد المعجمة اسمه سالم بن أبي أمية القرشي التيمي المدني مولى عمر بن عبيد الله بن معمر التيمي ، مر في "باب المسح على الخفين".

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم في "الصلاة" عن يحيى بن يحيى ، وأخرجه أبو داود فيه عن القعنبي ، كلاهما عن مالك ، وأخرجه [ ص: 164 ] الترمذي فيه عن إسحاق بن موسى الأنصاري عن معن عن مالك عن أبي النضر وحده به، وقال: حسن صحيح، وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن سلمة المرادي المصري ، عن عبد الرحمن بن القاسم عن مالك به، وقال الترمذي عن أحمد وإسحاق من أن حديثي عائشة معمول بهما، وهو قول الجمهور وبقية الأئمة الأربعة وغيرهم، خلافا لمن منع الانتقال من القيام إلى القعود عند عدم الضرورة لذلك، وهو غلط كما تقدم، وروى الترمذي أيضا، وقال: حدثنا أحمد بن منيع أخبرنا خالد وهو الحذاء عن عبد الله بن شقيق " عن عائشة رضي الله تعالى عنها قال: سألتها عن صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - عن تطوعه قالت: كان يصلي ليلا طويلا قائما وليلا طويلا قاعدا، فإذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم ، وإذا قرأ وهو جالس ركع وسجد وهو جالس " قال: هذا حديث حسن صحيح، وأخرجه بقية الستة خلا البخاري ، فرواه مسلم عن يحيى بن يحيى ، وأبو داود عن أحمد بن حنبل ، وفي بعض النسخ عن أحمد بن منيع ، كلاهما عن هشيم ، ورواه أبو داود عن مسدد والنسائي عن أبي الأشعث ، كلاهما عن يزيد بن زريع عن خالد الحذاء ، ورواه ابن ماجه من رواية حميد الطويل ، وروى الترمذي أيضا من حديث حفصة رضي الله تعالى عنها قال: حدثنا الأنصاري حدثنا معن حدثنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد عن المطلب بن أبي وداعة السهمي " عن حفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى في سبحته قاعدا حتى كان قبل وفاته بعام، فإنه كان يصلي في سبحته قاعدا ويقرأ بالسورة ويرتلها حتى تكون أطول من أطول منها "، وقال: حديث حسن صحيح.

                                                                                                                                                                                  ( فإن قلت ): بين حديثي حفصة وعائشة منافاة ظاهرا. ( قلت ): لا ; لأن قول عائشة : كان يصلي جالسا، لا يلزم منه أن يكون صلى جالسا قبل وفاته بأكثر من عام، فإن كان لا يقتضي الدوام، بل ولا التكرار على أحد قولي الأصوليين، وعلى تقدير أن يكون صلى في تطوعه جالسا قبل وفاته بأكثر من عام، فلا ينافي حديث حفصة ; لأنها إنما نفت رؤيتها لا وقوع ذلك جملة، وفي الباب عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها، أخرج حديثها النسائي وابن ماجه من رواية أبي إسحاق السبيعي " عن أبي سلمة عن أم سلمة قالت: والذي نفسي بيده ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كان أكثر صلاته قاعدا إلا المكتوبة " ، وعن أنس ، أخرج حديثه أبو يعلى قال: حدثنا محمد بن بكار حدثنا حفص بن عمر قاضي حلب حدثنا مختار بن فلفل " عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى على الأرض في المكتوبة قاعدا وقعد في التسبيح في الأرض فأومأ إيماء " وحفص بن عمر ضعيف، وعن جابر بن سمرة ، أخرج حديثه مسلم من رواية حسن بن صالح عن سماك بن حرب " عن جابر بن سمرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يمت حتى صلى قاعدا " قال شيخنا زين الدين : هكذا أدخله غير واحد من المصنفين في "باب الرخصة في صلاة التطوع جالسا"، وليس صريحا في ذلك، فلعل جابرا أخبر عن صلاته وهو قاعد للمرض، وعن عبد الله بن الشخير ، أخرج حديثه الطبراني في الكبير من رواية زيد بن الحباب عن شداد بن سعيد عن غيلان بن جرير " عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي قائما وقاعدا وهو يقرأ ألهاكم التكاثر حتى ختمها .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية