الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  وقوله: بالجر عطف على ما قبله داخل في الترجمة، وزاد أبو ذر في رواية اسهر به، وحكاه الطبري كذلك، وفي "كتاب المجاز" لأبي عبيدة (فتهجد به)، أي: اسهر بصلاة، يقال: تهجدت، أي: سهرت، وهجدت، أي: نمت، وفي الموعب لابن التياني عن صاحب العين: هجد القوم هجودا ناموا، وتهجدوا، أي: استيقظوا للصلاة أو لأمر، قال تعالى: فتهجد به أي: انتبه بعد النوم واقرإ القرآن، وقال قطرب : التهجد القيام، وقال كراع : التهجد صلاة الليل خاصة، وعن الأصمعي هجد يهجد هجودا نام، [ ص: 165 ] وبات متهجدا، أي: ساهرا، وفي معاني القرآن للزجاج : هجدته إذا نومته، وفي المحكم: هجد يهجد هجودا وأهجد نام، والهاجد والهجود: المصلي بالليل، والجمع هجود وهجد، وفي الجامع: الهاجد النائم، وقد يكون الساهر من الأضداد، فأما التهجد فأكثر ما يكون يستعمل في السهر، وأكثر الناس على أن هجد نام.

                                                                                                                                                                                  قوله: نافلة لك النافلة الزيادة، وذكر ابن بطال عن البعض: إنما خص سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنها كانت فريضة عليه ولغيره تطوع، ومنهم من قال بأن صلاة الليل كانت واجبة، ثم نسخت فصارت نافلة، أي تطوعا، وذكر في كونها نافلة أن الله تعالى غفر له من ذنوبه ما تقدم وما تأخر، فكل طاعة يأتي بها سوى المكتوبة تكون زيادة في كثرة الثواب، فلهذا سمي نافلة، بخلاف الأمة فإن لهم ذنوبا محتاجة إلى الكفارات، فثبت أن هذه الطاعات إنما تكون زوائد ونوافل في حق سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا في حق غيره، وأما الذين قالوا: إن صلاة الليل كانت واجبة عليه قالوا: معنى كونها نافلة على التخصيص، أي: أنها فريضة لك زائدة على الصلوات الخمس خصصت بها من بين أمتك، وذكر بعض السلف أنه يجب على الأمة قيام الليل ما يقع عليه الاسم ولو قدر حلب شاة، وقال النووي : وهذا غلط ومردود، وقيام الليل أمر مندوب إليه وسنة متأكدة.

                                                                                                                                                                                  قال أبو هريرة في صحيح مسلم : " أفضل الصلاة بعد المكتوبة صلاة الليل، فإن قسمت الليل نصفين فالنصف الآخر أفضل، وإن قسمته أثلاثا فالأوسط أفضلها " وأفضل منه صلاة السدس الرابع والخامس لحديث ابن عمرو في صلاة داود - صلى الله عليه وسلم - ويكره أن يقوم كل الليل لقوله - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما: " بلغني أنك تقوم الليل. قلت: نعم، قال: لكني أصلي وأنام، فمن رغب عن سنتي فليس مني " .

                                                                                                                                                                                  (فإن قيل): ما الفرق بينه وبين صوم الدهر غير أيام النهي فإنه لا يكره عند الشافعية ؟ قيل له: صلاة كل الليل تضر بالعين وسائر البدن بخلاف الصوم فإنه يستوفي في الليل ما فاته من أكل النهار، ولا يمكنه نوم النهار إذا صلى الليل كله لما فيه من تفويت مصالح دنياه وعياله، وأما بعض الليالي فلا يكره إحياؤها مثل العشر الأواخر من رمضان وليلتي العيد.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية