الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإن [ ص: 494 ]

بني في ساحة طاهرة ، وجعلت الساحة مقبرة جازت ; لأنه في جوار مقبرة . ولو حدث طريق بعد بناء مسجد على ساباط : صحت الصلاة فيه على الصحيح من المذهب ، قدمه ابن تميم ، وغيره . وقيل : لا يصلى فيه . ذكره في التبصرة . وأطلقهما في الرعاية الكبرى ، والفروع . وقال القاضي : قد يتوجه الكراهة فيه .

الثالثة : يستثنى من كلام المصنف وغيره ، ممن أطلق صلاة الجمعة ونحوها في الطريق وحافتيها . فإنها تصح للضرورة ، نص عليه ، كذا تصح على الراحلة في الطريق ، وقطع به المصنف في المغني ، والشارح ، والمجد في شرحه ، وصاحب الحاوي الكبير ، والفروع ، وغيرهم : تصح صلاة الجمعة والجنائز والأعياد ونحوها بحيث يضطرون إلى الصلاة في الطرقات . وقال في الرعاية الكبرى : تصح صلاة الجمعة . وقيل : صلاة العيد والجنائز والكسوفين . وقيل : والاستسقاء في كل طريق . وقال في الصغرى : تصح صلاة الجمعة وقيل : العيد والجنازة في طريق ، وموضع غصب . وقال ابن منجا في شرحه : نص أحمد على صحة الجمعة في الموضع المغصوب . وخص كلام المصنف به ، وهو ظاهر ما قدمه في الفروع في باب الإمامة بعد إمامة الفاسق . ويأتي هناك أيضا بأتم من هذا .

الرابعة : من تعذر عليه فعل الصلاة في غير هذه الأمكنة : صلى فيها . وفي الإعادة روايتان . وأطلقهما في الفروع ، ومختصر ابن تميم . قلت : الصواب عدم الإعادة . وجزم به في الحاوي الصغير . وقد تقدم نظير ذلك متفرقا ، كمن صلى في موضع نجس لا يمكنه الخروج منه ونحوه .

قلت : قواعد المذهب : تقتضي أنه يعيد ; لأن النهي عنها لا يعقل معناه . وقال بعض الأصحاب : إن عجز عن مفارقة الغصب صلى ، ولا إعادة ، رواية واحدة ، قوله ( وتصح الصلاة إليها ) هذا المذهب مطلقا مع الكراهة ، نص عليه في رواية أبي طالب وغيره . وعليه [ ص: 495 ] الجمهور ، وجزم به في الوجيز ، والإفادات ، وقدمه في الهداية ، والمستوعب ، والخلاصة ، والتلخيص ، والفروع ، وابن تميم ، والحاويين ، والفائق ، وإدراك الغاية ، وغيرهم . وقيل : لا تصح إليها مطلقا . وقيل : لا تصح الصلاة إلى المقبرة فقط ، واختاره المصنف ، والمجد ، وصاحب النظم ، والفائق . وقال في الفروع : وهو أظهر . وعنه لا تصح إلى المقبرة والحش ، اختاره ابن حامد ، والشيخ تقي الدين . وجزم به في المنور . وقيل : لا تصح إلى المقبرة ، والحش ، والحمام . وعنه لا يصلي إلى قبر أو حش أو حمام أو طريق . قاله ابن تميم . قال أبو بكر : فإن فعل ففي الإعادة قولان ، قال القاضي : ويقاس على ذلك سائر مواضع النهي إذا صلى إليها إلا الكعبة

تنبيه : محل الخلاف : إذا لم يكن حائل . فإن كان بين المصلي وبين ذلك حائل ، ولو كمؤخرة الرحل صحت الصلاة على الصحيح من المذهب ، قدمه في الفروع وغيره ، وجزم به في الفائق وغيره . قال في الفروع : وظاهره أنه ليس كسترة صلاة ، حتى يكفي الخط بل كسترة المتخلي . قال : ويتوجه أن مرادهم لا يضر بعد كثير عرفا ، كما لا أثر له في مار أمام المصلي . وعنه لا يكفي حائط المسجد ، نص عليه ، وجزم به المجد ، وابن تميم ، والناظم ، وغيرهم ، وقدمه في الرعايتين ، والحاويين ، وغيرهم ; لكراهة السلف الصلاة في مسجد في قبلته حش وتأول ابن عقيل النص على سراية النجاسة تحت مقام المصلي واستحسنه صاحب التلخيص . وعن أحمد نحوه . قال ابن عقيل : يبين صحة تأويلي لو كان الحائل كآخرة الرحل : لم تبطل الصلاة بمرور الكلب . ولو كانت النجاسة في القبلة كهي تحت القدم لبطلت ; لأن نجاسة الكلب آكد من نجاسة الخلاء ، لغسلها بالتراب قال في الفروع : فيلزمه أن يقول بالخط هنا . ولا وجه له . وعدمه يدل على الفرق . [ ص: 496 ]

فائدة :

لو غيرت مواضع النهي بما يزيل اسمها ، كجعل الحمام دارا ، ونبش المقبرة ، ونحو ذلك : صحت الصلاة فيها ، على الصحيح من المذهب . وحكى قولا : لا تصح الصلاة .

قلت : وهو بعيد جدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية