الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          صغر

                                                          صغر : الصغر : ضد الكبر . ابن سيده : الصغر والصغارة خلاف العظم ، وقيل : الصغر في الجرم والصغارة في القدر صغر صغارة وصغرا وصغر يصغر صغرا بفتح الصاد والغين وصغرانا كلاهما عن ابن الأعرابي ، فهو صغير وصغار بالضم ، والجمع صغار . قال سيبويه : وافق الذين يقولون فعيلا الذين يقولون فعالا لاعتقابهما كثيرا ولم يقولوا صغراء استغنوا عنه بفعال ، وقد جمع الصغير في الشعر على صغراء ؛ أنشد أبو عمرو :


                                                          وللكبراء أكل حيث شاءوا وللصغراء أكل واقتثام



                                                          والمصغوراء : اسم للجمع . والأصاغرة : جمع الأصغر . قال ابن سيده : وإنما ذكرت هذا لأنه مما تلحقه الهاء في حد الجمع إذ ليس منسوبا ، ولا أعجميا ، ولا أهل أرض ونحو ذلك من الأسباب التي تدخلها الهاء في حد الجمع لكن الأصغر لما خرج على بناء القشعم ، وكانوا يقولون القشاعمة ألحقوه الهاء ، وقد قالوا الأصاغر بغير [ ص: 245 ] هاء إذ قد يفعلون ذلك في الأعجمي نحو الجوارب والكرابج ، وإنما حملهم على تكسيره أنه لم يتمكن في باب الصفة . والصغرى : تأنيث الأصغر ، والجمع الصغر ، قال سيبويه : يقال نسوة صغر ، ولا يقال قوم أصاغر إلا بالألف واللام ، قال : وسمعنا العرب تقول الأصاغر ، وإن شئت قلت الأصغرون . ابن السكيت : ومن أمثال العرب : المرء بأصغريه ؛ وأصغراه قلبه ولسانه ، ومعناه أن المرء يعلو الأمور ويضبطها بجنانه ولسانه . وأصغره غيره وصغره تصغيرا ، وتصغير الصغير صغير وصغيير الأولى على القياس والأخرى على غير قياس ؛ حكاها سيبويه . واستصغره : عده صغيرا . وصغره وأصغره : جعله صغيرا . وأصغرت القربة : خرزتها صغيرة ؛ قال بعض الأغفال :


                                                          شلت يدا فارية فرتها     لو خافت النزع لأصغرتها



                                                          ويروى :


                                                          لو خافت الساقي لأصغرتها



                                                          والتصغير للاسم والنعت يكون تحقيرا ، ويكون شفقة ، ويكون تخصيصا ، كقول الحباب بن المنذر : أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب ، وهو مفسر في موضعه . والتصغير يجيء بمعان شتى : منها ما يجيء على التعظيم لها ، وهو معنى قوله : فأصابتها سنية حمراء ، وكذلك قول الأنصاري : أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب ، ومنه الحديث : أتتكم الدهيماء ؛ يعني الفتنة المظلمة فصغرها تهويلا لها ، ومنها يصغر الشيء في ذاته كقولهم : دويرة وجحيرة ، ومنها ما يجيء للتحقير في غير المخاطب وليس له نقص في ذاته كقولهم : هلك القوم إلا أهل بييت ، وذهبت الدراهم إلا دريهما ، ومنها ما يجيء للذم كقولهم : يا فويسق ، ومنها ما يجيء للعطف والشفقة نحو : يا بني ويا أخي ؛ ومنه قول عمر : أخاف على هذا السب ، وهو صديقي أي أخص أصدقائي ، ومنها ما يجيء بمعنى التقريب كقولهم : دوين الحائط وقبيل الصبح ، ومنها ما يجيء للمدح من ذلك قول عمر لعبد الله : كنيف ملئ علما . وفي حديث عمرو بن دينار ، قال : قلت لعروة : كم لبث رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ؟ قال : عشرا قلت : فابن عباس يقول بضع عشرة سنة ، قال عروة : فصغره أي استصغر سنه عن ضبط ذلك ، وفي رواية : فغفره أي قال : غفر الله له وسنذكره في غفر أيضا . والإصغار من الحنين : خلاف الإكبار قالت الخنساء :


                                                          فما عجول على بو تطيف به     لها حنينان إصغار وإكبار



                                                          فإصغارها : حنينها إذا خفضته ، وإكبارها : حنينها إذا رفعته ، والمعنى لها حنين ذو إصغار وحنين ذو إكبار . وأرض مصغرة : نبتها صغير لم يطل . وفلان صغرة أبويه وصغرة ولد أبويه أي أصغرهم ، وهو كبرة ولد أبيه أي أكبرهم ؛ وكذلك فلان صغرة القوم وكبرتهم أي أصغرهم وأكبرهم . ويقول صبي من صبيان العرب إذا نهي عن اللعب : أنا من الصغرة أي من الصغار . وحكى ابن الأعرابي : ما صغرني إلا بسنة أي ما صغر عني إلا بسنة . والصغار بالفتح : الذل والضيم ، وكذلك الصغر بالضم ، والمصدر الصغر بالتحريك . يقال : قم على صغرك وصغرك . الليث : يقال صغر فلان يصغر صغرا وصغارا ، فهو صاغر إذا رضي بالضيم وأقر به . قال الله تعالى : حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ؛ أي أذلاء . والمصغوراء : الصغار . وقوله عز وجل : سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله ؛ أي هم وإن كانوا أكابر في الدنيا فسيصيبهم صغار عند الله أي مذلة . وقال الشافعي رحمه الله في قوله عز وجل : عن يد وهم صاغرون ؛ أي يجري عليهم حكم المسلمين . والصغار : مصدر الصغير في القدر . والصاغر : الراضي بالذل والضيم ، والجمع صغرة . وقد صغر صغرا وصغرا وصغارا وصغارة ، وأصغره : جعله صاغرا . وتصاغرت إليه نفسه : صغرت وتحاقرت ذلا ومهانة . وفي الحديث : إذا قلت ذلك تصاغر حتى يكون مثل الذباب ؛ يعني الشيطان أي ذل وامحق ؛ قال ابن الأثير : ويجوز أن يكون من الصغر والصغار ، وهو الذل والهوان . وفي حديث علي يصف أبا بكر رضي الله عنهما : برغم المنافقين وصغر الحاسدين أي ذلهم وهوانهم . وفي حديث المحرم : يقتل الحية بصغر لها . وصغرت الشمس : مالت للغروب عن ثعلب . وصغران : موضع .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية