الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  93 35 - حدثنا أبو اليمان ، قال : أخبرنا شعيب ، عن الزهري ، قال : أخبرني أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ، فقام عبد الله بن حذافة فقال : من أبي ؟ فقال : أبوك حذافة ، ثم أكثر أن يقول : سلوني ، فبرك عمر على ركبتيه فقال : رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ، فسكت .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقة الحديث للترجمة ظاهرة .

                                                                                                                                                                                  ورجاله أربعة قد ذكروا غير مرة ، وأبو اليمان الحكم بن نافع ، وشعيب بن أبي حمزة ، والزهري وهو محمد بن مسلم .

                                                                                                                                                                                  وأخرجه البخاري في العلم وفي الصلاة وفي الاعتصام عن أبي اليمان عنه به ، وأخرجه مسلم في فضائل النبي عليه الصلاة والسلام عن عبد الله بن عبد الرحمن الداري عن أبي اليمان به .

                                                                                                                                                                                  قوله " فقال رضينا بالله " معناه رضينا بما عندنا من كتاب الله وسنة نبينا واكتفينا به عن السؤال أبلغ كفاية ، وقوله هذه المقالة إنما كان أدبا وإكراما لرسول الله [ ص: 115 ] صلى الله عليه وسلم ، وشفقة على المسلمين لئلا يؤذوا النبي عليه الصلاة والسلام فيدخلوا تحت قوله : إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا وعن ابن عباس رضي الله عنهما : كان قوم يسألون رسول الله عليه الصلاة والسلام استهزاء فيقول الرجل : من أبي ؟ ويقول الرجل تضل ناقته : أين ناقتي ؟ فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية ، فإن قلت : بماذا نصب ربا ودينا ونبيا ، قلت : على التمييز ، وهو وإن كان الأصل أن يكون في المعنى فاعلا يجوز أن يكون مفعولا أيضا كقوله تعالى : وفجرنا الأرض عيونا ويجوز أن يكون نصبها على المفعولية لأن رضي إذا عدي بالباء يتعدى إلى مفعول آخر ، والمراد من الدين ها هنا التوحيد ، وبه فسر الزمخشري في قوله تعالى : ومن يبتغ غير الإسلام دينا يعني التوحيد ، وأما في حديث عمر رضي الله تعالى عنه قال : " بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل " الحديث ، فقد أطلق رسول الله عليه الصلاة والسلام الدين على الإسلام والإيمان والإحسان بقوله " إنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم " وإنما علمهم هذه الثلاثة ، والحاصل أن الدين تارة يطلق على الثلاثة التي سأل عنها جبريل عليه السلام وتارة يطلق على الإسلام كما في قوله تعالى : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا وبهذا يمنع قول من يقول بين الآية والحديث معارضة حيث أطلق الدين في الحديث على ثلاثة أشياء وفي الآية على شيء واحد ، واختلاف الإطلاق إما بالاشتراك أو بالحقيقة أو المجاز أو بالتواطؤ ، ففي الحديث أطلق على مجموع الثلاثة وهو أحد مدلوليه ، وفي الآية أطلق على الإسلام وحده وهو مسماه الآخر ، فإن قلت : لم قال بالإسلام ولم يقل بالإيمان ؟ قلت : الإسلام والإيمان واحد فلا يرد السؤال ، قوله “ فسكت " أي رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وفي بعض النسخ وجد قبل لفظة ثلاثا أي قاله ثلاث مرات ، وفي بعض الروايات " فسكن غضبه " موضع " فسكت " وكان ذلك من أثر ما قاله عمر رضي الله تعالى عنه فلم يزل موفقا في رأيه ينطق الحق على لسانه رضي الله عنه ، والله أعلم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية