الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2677 2832 - حدثنا عبد العزيز بن عبد الله ، حدثنا إبراهيم بن سعد الزهري قال : حدثني صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب ، عن سهل بن سعد الساعدي أنه قال : رأيت مروان بن الحكم جالسا في المسجد ، فأقبلت حتى جلست إلى جنبه ، فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أملى عليه : لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله قال : فجاءه ابن أم مكتوم وهو يملها علي ، فقال : يا رسول الله ، لو أستطيع الجهاد لجاهدت . وكان رجلا أعمى ، فأنزل الله تبارك وتعالى على رسوله - صلى الله عليه وسلم - وفخذه على فخذي ، فثقلت علي حتى خفت أن ترض فخذي ، ثم سري عنه ، فأنزل الله -عز وجل - : غير أولي الضرر [النساء :95] [4529 - فتح: 6 \ 45]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق حديث البراء : لما نزلت : لا يستوي القاعدون من المؤمنين [النساء : 95] دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيدا ، فجاء بكتف فكتبها ، وشكا ابن أم مكتوم ضرارته فنزلت : غير أولي الضرر [النساء : 95] .

                                                                                                                                                                                                                              وحديث سهل بن سعد ، عن مروان ، عن زيد مثله .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 463 ] الشرح :

                                                                                                                                                                                                                              حديث البراء أخرجه مسلم ، وحديث زيد من أفراده ، ويأتيان في التفسير .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه لطيفة : (وهو ) صحابي : وهو سهل بن سعد ، يروي عن مروان وهو تابعي ، وقيل : إن جبريل صعد وهبط في مقدار ألف سنة ، قبل أن يجف القلم ، أي : بسبب أولي الضرر ، حكاه ابن التين ، ثم قال : وهذا يحتاج أن يكون جبريل يتناول ذلك من السماء الدنيا والأمر كذلك ; لأن القرآن نزل جملة إليها ليلة القدر ، ثم نزل بعدها متفرقا .

                                                                                                                                                                                                                              وهو دال على أن من حبسه العذر وغيره عن الجهاد وغيره من أعمال البر مع نيته فيه فله أجر المجاهد والعامل ; لأن نص الآية على المفاضلة بين المجاهد والقاعد ، ثم استثنى من المفضولين أولي الضرر ، وإذا استثناهم منهم فقد ألحقهم بالفاضلين ، وقد بين الشارع هذا المعنى فقال : "إن بالمدينة أقواما ما سلكنا واديا أو شعبا إلا وهم معنا حبسهم العذر " ، وكذا جاء عنه في كل من كان يعمل شيئا من الطاعات ثم حبسه مرض أو سفر أو غيره أنه يكتب له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم ، وكذا من نام عن حزبه ، نوما (غالبا ) كتب له أجر حزبه وكان نومه صدقة عليه ، وهذا معنى قوله تعالى : إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون [التين : 6] ، أي : غير مقطوع بزمانة أو كبر أو ضعف ; ففي هذا أن الإنسان يبلغ بنيته أجر العامل إذا كان

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 464 ] لا يستطيع العمل الذي ينويه ، وسيأتي (أيضا ) في باب يكتب للمسافر ما كان يعمل في الإقامة .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه : اتخاذ الكاتب وتقييد العلم .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه : قرب الكاتب من مستمليه حتى تمس ركبته ركبته لقوله : (وفخذه على فخذي ) .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية