الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) ندب ( دعاء بتشهد ثان ) يعني تشهد السلام بأي صيغة كانت وتقدم أن التشهد بأي لفظ مروي عنه عليه الصلاة والسلام سنة ( وهل ) ( لفظ التشهد ) المعهود وهو الذي علمه عمر بن الخطاب للناس على المنبر بحضرة جمع من الصحابة ولم ينكره عليه أحد فجرى مجرى الخبر المتواتر ولذا اختاره الإمام ( والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ) بعد التشهد وقبل الدعاء بأي صيغة والأفضل فيها ما في الخبر وهو اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد ( سنة أو فضيلة خلاف ) في التشهير ( ولا بسملة فيه ) أي في التشهد أي يكره فيما يظهر ( وجازت ) البسملة ( كتعوذ بنفل ) في الفاتحة وفي السورة ( وكرها ) أي البسملة والتعوذ ( بفرض ) قال القرافي من المالكية والغزالي من الشافعية وغيرهما الورع البسملة أول الفاتحة خروجا من الخلاف ( كدعاء ) بعد إحرام و ( قبل قراءة ) فيكره [ ص: 252 ] ولو سبحانك اللهم وبحمدك إلخ لأنه لم يصحبه عمل ( وبعد فاتحة ) قبل السورة والراجح الجواز ( وأثناءها ) أي الفاتحة بأن يخللها به لاشتمالها على الدعاء فهي أولى وقيده في الطراز بالفرض وأما في النفل فيجوز ( وأثناء سورة ) لمن يقرؤها من إمام وفذ وجاز لمأموم سرا إن قل عند سماع سببه كالخطبة ( و ) أثناء ( ركوع ) لأنه إنما شرع فيه التسبيح وجاز بعد رفع منه ( و ) كره ( قبل تشهد وبعد سلام إمام و ) بعد ( تشهد أول ) لأن المطلوب تقصيره والدعاء يطول ( لا ) يكره الدعاء ( بين سجدتيه ) ولا بعد قراءة وقبل ركوع ولا بعد رفع منه ولا في سجود وبعد تشهد أخير بل يندب في الأخيرين وكذا بين السجدتين لما روي أنه عليه الصلاة والسلام كان يقول بينهما { اللهم اغفر لي وارحمني واسترني واجبرني وارزقني واعف عني وعافني } ( و ) حيث جاز له الدعاء ( دعا بما أحب ) من جائز شرعا وعادة إن لم يكن لدين بل ( وإن ) كان ( ل ) طلب ( دنيا وسمى ) جوازا ( من أحب ) أن يدعو له أو عليه ( ولو قال ) في دعائه ( يا فلان فعل الله بك كذا لم تبطل ) إن غاب فلان مطلقا أو حضر ولم يقصد خطابه وإلا بطلت .

التالي السابق


( قوله : يعني تشهد السلام ) أي سواء كان أولا أو ثانيا أو ثالثا أو رابعا ومحل الدعاء بعد التشهد فالباء في قول المصنف بتشهد ثان بمعنى بعد ( قوله : وهل لفظ التشهد إلخ ) ظاهر المصنف أن الخلاف في خصوص اللفظ الوارد عن عمر وأما أصله بأي لفظ كان فهو سنة قطعا وبذلك شرح شارحنا تبعا للبساطي وح والشيخ سالم وعليه ينبني ما اشتهر من بطلان الصلاة بترك السجود للسهو عنه وشرح بهرام على أن الخلاف في أصله فقال وهل لفظ التشهد أي بأي صيغة كانت وأما اللفظ الوارد عن عمر فمندوب قطعا وعلى هذا فالمصنف جزم سابقا بالقول بالسنية ثم حكى هنا الخلاف في أصله وقواه طفى حيث قال هذا هو الصواب الموافق للنقل وتعقبه بن بأن هذا يتوقف على تشهير القول بأن أصل التشهد فضيلة ولم يوجد ذلك ا هـ وبالجملة فأصل التشهد سنة قطعا أو على الراجح كما يفيده بن وخصوص اللفظ مندوب قطعا أو على الراجح وبهذه يعلم أن ما اشتهر من بطلان الصلاة لترك سجود السهو عنه ليس متفقا عليه إذ هو ليس عن نقص ثلاث سنن قطعا تأمل .

( قوله : وهو الذي علمه عمر بن الخطاب للناس إلخ ) أي هو التحيات لله الزاكيات لله الطيبات الصلوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ( قوله : ولذا ) أي ولأجل جريان اللفظ الوارد عن عمر مجرى الخبر المتواتر اختاره الإمام واختار أبو حنيفة وأحمد ما روي عن ابن مسعود وهو التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي إلى آخر ما روي عن سيدنا عمر واختار الشافعي ما روي عن ابن عباس وهو التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ( قوله : أي يكره فيما يظهر ) أي ولو كان تشهد نفل ( قوله : وجازت ) المراد بالجواز عدم الكراهة فلا ينافي أن ذلك خلاف الأولى كذا قرر شيخنا ولكن ذكر في حاشية خش أن المراد بالجواز الجواز المستوي الطرفين في الفاتحة وغيرها ( قوله : كتعوذ ) ظاهره قبل الفاتحة أو بعدها وقبل السورة جهرا أو سرا وهو ظاهر المدونة أيضا ومقابله ما في العتبية من كراهة الجهر بالتعوذ ومفاد شب ترجيحه قاله شيخنا ( قوله : وكرها بفرض ) أي للإمام وغيره سرا أو جهرا في الفاتحة أو غيرها ابن عبد البر وهذا هو المشهور عند مالك ومحصل مذهبه عند أصحابه وإنما كرهت لأنها ليست آية من القرآن إلا في النمل وقيل بإباحتها وندبها ووجوبها ( قوله : الورع البسملة أو الفاتحة ) أي ويأتي بها سرا ويكره الجهر بها ولا يقال قولهم : يكره الإتيان بها ينافي قولهم يستحب الإتيان بها للخروج من الخلاف لأنا نقول محل الكراهة إذا أتى بها على وجه أنها فرض سواء قصد الخروج من الخلاف أم لا ومحل الندب إذا قصد بها الخروج من الخلاف من غير ملاحظة كونها فرضا [ ص: 252 ] أو نفلا لأنه إن قصد الفرضية كان آتيا بمكروه ولو قصد النفلية لم تصح عند الشافعي فلا يقال له حينئذ إنه مراع للخلاف وحينئذ فيكره كما إذا قصد الفرضية والظاهر الكراهة أيضا إذا لم يقصد شيئا .

( قوله : ولو سبحانك اللهم وبحمدك إلخ ) تمامه تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين ( قوله : لأنه لم يصحبه عمل ) أي وإن ورد الحديث به ( قوله : وبعد فاتحة قبل السورة ) القول بالكراهة كما قال المصنف نقله في التوضيح عن بعضهم ( قوله : والراجح الجواز ) أي وهو ما ذكره في شرح الجلاب والطراز وقال ح إنه الظاهر ( قوله : بأن يخللها به ) أي بالدعاء وقوله لاشتمالها على الدعاء علة لكراهة الدعاء في أثنائها وقوله فهي أولى أي فهي لاشتمالها على الدعاء أولى من دعاء أجنبي ( قوله : وجاز لمأموم ) أي وجاز الدعاء لمأموم سواء دعا في حال قراءة الإمام للفاتحة أو للسورة والجواز مقيد بقيود ثلاثة كون الدعاء سرا وقليلا وعند سماع سببه كما أشار لذلك الشارح كما أن جواز الدعاء لسامع الخطبة مقيد بهذه القيود الثلاثة ( قوله : لأنه إنما شرع فيه التسبيح ) أي وأما الدعاء فهو غير مشروع فيه فيكون مكروها ( قوله : وجاز بعد رفع منه ) أي وجاز الدعاء بعد الرفع من الركوع واختلف في الدعاء الموصوف بالجواز الواقع في الرفع من الركوع فقال بعضهم المراد به دعاء مخصوص وهو اللهم ربنا ولك الحمد لأن الحامد لربه طالب للمزيد منه وقال بعضهم بل مطلق دعاء والأول ما في عج والثاني ما في شرح الجلاب ( قوله : وبعد تشهد أول ) أي وكره الدعاء بعد التشهد الأول والمراد ما عدا التشهد الذي يعقبه السلام ومن أفراد الدعاء الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وحينئذ فتكره في التشهد الأول ( قوله : ولا بعد رفع منه ) أي من الركوع وهذا مكرر مع ما تقدم ( قوله : وحيث جاز له الدعاء ) أي وفي أي محل جاز له الدعاء فيه ( قوله : من جائز شرعا وعادة ) احترز من طلب الممتنع شرعا كأن يقول اللهم اجعلني نبيا والممتنع عادة كاللهم اجعلني سلطانا أو أطير في الهواء ومن الممتنع عقلا كاللهم اجعلني أجمع بين الضدين والدعاء بما ذكر ممنوع وإن صحت الصلاة كما قرر شيخنا ( قوله : إن لم يكن بدنيا ) أي بل بأمر من أمور الآخرة ( قوله : بل وإن كان لطلب دنيا ) أي كسعة رزق وزوجة حسنة ( قوله : وسمى من أحب أن يدعو له أو عليه ) كاللهم ارزق فلانا أو أهلكه ( قوله : ولو قال في دعائه ) أي وهو في الصلاة ( قوله : يا فلان فعل الله بك كذا ) أي يا فلان رزقك الله أو أهلكك الله مثلا ( قوله : إن غاب فلان مطلقا ) أي سواء قصد خطابه أم لا .




الخدمات العلمية