الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2685 [ ص: 473 ] 36 - باب: فضل الصوم في سبيل الله

                                                                                                                                                                                                                              2840 - حدثنا إسحاق بن نصر ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا ابن جريج قال : أخبرني يحيى بن سعيد وسهيل بن أبي صالح أنهما سمعا النعمان بن أبي عياش ، عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا " . [مسلم : 1153 - فتح: 6 \ 47]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث أبي سعيد الخدري : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : "من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا " .

                                                                                                                                                                                                                              أي : مسيرة سبعين عاما ، وهو مبالغة في البعد عنها ، والمعافاة منها ، وكثيرا ما يجيء السبعون عبارة عن التكثير ، وفي النسائي من حديث عقبة "مسيرة مائة عام " ، وهذا لمن لا يضعفه الصوم .

                                                                                                                                                                                                                              و (الخريف ) : آخر فصول السنة ، وهو الزمان الذي تخترف فيه الثمار أي : تجتنى ، وهذا الحديث يدل أن الصيام في سائر أعمال البر أفضل إلا أن يخشى ضعفا عند اللقاء كما سلف -لأنه قد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لأصحابه في بعض المغازي ، حين قرب من الملاقاة بأيام يسيرة : "تقووا لعدوكم " فأمرهم بالإفطار - ولأن نفسه ضعيفة ، وقد جبل الله الأجساد على أنها لا قوام لها إلا بالغذاء ، ولهذا (المعنى ) قال - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمرو : "أفضل الصوم صوم داود كان يصوم يوما ويفطر يوما ولا يفر إذا لاقى " ، فلا يكره الصوم البتة إلا عند اللقاء

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 474 ] وخشية الضعف عند القتال ; لأن الجهاد وقتل المشركين أعظم أجرا من الصوم لمن فيه قوة .

                                                                                                                                                                                                                              فائدة :

                                                                                                                                                                                                                              روي مثل هذا الحديث من طريق أبي هريرة ، أخرجه الترمذي بلفظ : "أربعين " وفي لفظ : "سبعين " ثم قال : غريب من هذا الوجه . ونقل في "علله " عن البخاري أنه قال : لا أعلم رواه إلا ابن لهيعة عن أبي الأسود وأبي أمامة ، أخرجه الترمذي من حديث القاسم بن عبد الرحمن عنه : "جعل الله بينه وبين النار كما بين السماء والأرض " ثم قال : غريب .

                                                                                                                                                                                                                              ولابن عساكر : "بعده الله من النار مسيرة مائة سنة حضر الفرس الجواد " .

                                                                                                                                                                                                                              وأنس أخرجه أيضا الترمذي من حديث أبان عنه : "من صام يوما في سبيل الله تباعدت منه جهنم خمسمائة عام " .

                                                                                                                                                                                                                              وابن عمر أخرجه أيضا من حديث مندل بن علي ، عن عبد الله بن مروان ، عن بعجة ، عن أبيه عنه : "من صام يوما في سبيل الله فهو بسبعمائة يوم " .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 475 ] وعقبة بن عامر ; أخرجه النسائي .

                                                                                                                                                                                                                              وعمرو بن عنبسة ; أخرجه الطبراني .

                                                                                                                                                                                                                              وجابر ; أخرجه ابن جميع .

                                                                                                                                                                                                                              وسهل بن معاذ ; أخرجه أبو يعلى .

                                                                                                                                                                                                                              وعتبة بن عبد السلمي ; أخرجه ابن أبي عاصم .

                                                                                                                                                                                                                              فائدة أخرى :

                                                                                                                                                                                                                              (سبيل الله ) الأكثر في الشرع واللغة استعماله في الجهاد ، وسببه هنا اجتماع العبادتين الجهاد والصوم ، ويحتمل أن يريد به طاعته كيف كانت .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية