الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في التكبير عند الركوع والسجود

                                                                                                          253 حدثنا قتيبة حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحق عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة والأسود عن عبد الله بن مسعود قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في كل خفض ورفع وقيام وقعود وأبو بكر وعمر قال وفي الباب عن أبي هريرة وأنس وابن عمر وأبي مالك الأشعري وأبي موسى وعمران بن حصين ووائل بن حجر وابن عباس قال أبو عيسى حديث عبد الله بن مسعود حديث حسن صحيح والعمل عليه عند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم ومن بعدهم من التابعين وعليه عامة الفقهاء والعلماء

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في كل خفض ورفع إلخ ) هذا دليل على مشروعية التكبير في كل خفض ورفع وقيام وقعود إلا في الرفع من الركوع ، فإنه يقول سمع الله لمن حمده قال النووي : وهذا مجمع عليه اليوم ومن الأعصار المتقدمة ، وقد كان فيه خلاف ، زمن أبي هريرة وكان بعضهم لا يرى التكبير إلا للإحرام ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن أبي هريرة وأنس وابن عمر وأبي مالك الأشعري وأبي موسى وعمران [ ص: 86 ] بن حصين ووائل بن حجر وابن عباس ) أما حديث أبي هريرة فأخرجه الشيخان نحو حديث الباب وأما حديث أنس فأخرجه النسائي . وأما حديث ابن عمر فأخرجه أحمد والنسائي ، وأما حديث أبي مالك الأشعري فأخرجه ابن أبي شيبة ، وأما حديث أبي موسى فأخرجه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود . وأما حديث عمران بن حصين فأخرجه الشيخان . وأما حديث وائل بن حجر فأخرجه أبو داود وأحمد والنسائي وابن ماجه . وأما حديث ابن عباس فأخرجه أحمد والبخاري عن عكرمة عنه ، قال : قلت لابن عباس : صليت الظهر بالبطحاء خلف شيخ أحمق فكبر ثنتين وعشرين تكبيرة يكبر إذا سجد وإذا رفع رأسه . فقال ابن عباس تلك صلاة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                          قوله : ( حديث عبد الله بن مسعود حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد والنسائي .

                                                                                                          قوله : ( والعمل عليه عند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم : أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم ومن بعدهم من التابعين وعليه عامة الفقهاء والعلماء ) قال البغوي : اتفقت الأمة على هذه التكبيرات ، قال ابن سيد الناس : وقال آخرون لا يشرع إلا تكبير الإحرام فقط . يحكى ذلك عن عمر بن الخطاب وقتادة وسعيد بن جبير وعمر بن عبد العزيز والحسن البصري ، ونقله ابن المنذر عن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله بن عمر ، ونقله ابن بطال عن جماعة أيضا منهم معاوية بن أبي سفيان وابن سيرين ، قال أبو عمر : قال قوم من أهل العلم : إن التكبير ليس بسنة إلا في الجماعة ، وأما من صلى وحده فلا بأس عليه أن لا يكبر ، وقال أحمد : أحب إلي أن يكبر إذا صلى ، وحده في الفرض وأما التطوع فلا . وروي عن ابن عمر أنه كان لا يكبر إذا صلى وحده .

                                                                                                          واستدلال من قال بعدم مشروعية التكبير كذلك بما أخرجه أحمد وأبو داود عن ابن أبزى ، عن أبيه أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان لا يتم التكبير ، وفي لفظ لأحمد إذا خفض ورفع وفي رواية فكان لا يكبر إذا خفض يعني بين السجدتين ، وفي إسناده الحسن بن عمران ، قال أبو زرعة : شيخ ووثقه ابن حبان ، وحكى عن أبي داود الطيالسي أنه قال هذا عندي باطل ، وهذا لا يقوى على معارضة أحاديث الباب لكثرتها وصحتها ، وكونها مثبتة ومشتملة على الزيادة . والأحاديث الواردة في هذا الباب أقل أحوالها الدلالة على سنية التكبير في كل خفض ورفع ، وقد روى أحمد عن عمران بن حصين أن أول من ترك التكبير عثمان حين كبر وضعف صوته وهذا يحتمل أنه ترك الجهر . وروى الطبري عن أبي هريرة أن أول من ترك التكبير معاوية . وروى أبو عبيد أن أول من تركه زياد وهذه [ ص: 87 ] الروايات غير منافية لأن زيادا تركه بترك معاوية وكان معاوية تركه بترك عثمان وقد حمل ذلك جماعة من أهل العلم على الإخفاء وحكى الطحاوي أن بني أمية كانوا يتركون التكبير في الخفض دون الرفع ، وما هذه بأول سنة تركوها . وقد اختلف القائلون بمشروعية التكبير فذهب جمهورهم إلى أنه مندوب فيما عدا تكبيرة الإحرام ، وقال أحمد في رواية عنه ، وبعض أهل الظاهر : أنه يجب كله . واحتج الجمهور على الندبية بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلمه المسيء صلاته . ولو كان واجبا لعلمه وأيضا حديث ابن أبزى يدل على عدم الوجوب ; لأن تركه صلى الله عليه وسلم له في بعض الحالات لبيان الجواز والإشعار بعدم الوجوب .

                                                                                                          واحتج القائلون بالوجوب بأن النبي صلى الله عليه وسلم علمه المسيء صلاته أخرج أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمسيء بلفظ : ثم يقول الله أكبر ثم يركع حتى تطمئن مفاصله ، ثم يقول سمع الله لمن حمده حتى يستوي قائما ، ثم يقول الله أكبر ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله ثم يقول الله أكبر ، ويرفع رأسه حتى يستوي قاعدا ، ثم يقول الله أكبر ، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله ، ثم يرفع رأسه فيكبر . فإذا فعل ذلك فقد تمت صلاته .

                                                                                                          قلت : وفي هذا الحديث رد على من قال إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم المسيء صلاته التكبير .




                                                                                                          الخدمات العلمية