الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فصل ) في بيان حكم الغصب وانقسام المغصوب إلى مثلي ومتقوم وبيانهما وما يضمن به المغصوب وغيره .

                                                                                                                            ( تضمن نفس الرقيق ) ولو مستولدة ومكاتبا ( بقيمته ) بالغة ما بلغت ( تلف أو أتلف تحت يد عادية ) بتخفيف الياء كسائر الأموال ، ومراده بالعادية الضامنة وإن لم يكن صاحبها متعديا ليدخل نحو مستعير ومستام ، [ ص: 159 ] ويخرج نحو حربي وقن للمالك وآثرها لكون الباب موضوعا للتعدي ، والمراد كما يعلم مما يأتي بالقيمة في المغصوب وأبعاضه أقصاها من الغصب إلى التلف ( وأبعاضه التي لا يتقدر أرشها من الحر ) كهزال وزوال بكارة وجناية على نحو عنق أو ظهر يضمن ( بما نقص من قيمته ) إجماعا ، فإن لم ينقص لم يلزمه شيء . أما الجناية على نحو كف مما هو مقدر منه بنظيره في الحر ففيها ما نقص من قيمته بشرط أن لا يساوي النقص مقدره كنصف القيمة في اليد ، فإن ساواه نقص عنه الحاكم شيئا باجتهاده ، كذا ذكره البلقيني نقلا عن المتولي قال : وهو تفصيل لا بد منه ، وإطلاق من أطلق محمول عليه وهو ظاهر في غير الغاصب . أما هو والكلام فيه هنا فيضمن بما نقص مطلقا لتشديدهم عليه في الضمان ما لم يشددوا على غيره ، ويؤيده ما يأتي في نحو قطع يده من أنه يضمن الأكثر ( وكذا المقدرة ) كيد ( إن تلفت ) بآفة سماوية ، إذ الساقط من غير جناية لا يتعلق به قصاص ولا كفارة ولا ضرب على عاقلة فأشبه الأموال ، فإن نقصت كأن سقط ذكره وأنثياه لزمه ما نقص ، وإن لم ينقص كما هو الغالب من عدم تنقيص القيمة لم يلزم شيء قطعا ( وإن أتلفت ) بجناية ( فكذا ) يضمن بما نقص من قيمته ( في القديم ) قياسا على البهيمة ( وعلى الجديد تتقدر من الرقيق ) لأنه يشبه الحر في كثير من الأحكام ( والقيمة فيه كالدية في الحر ففي ) يديه تمام قيمته ، نعم لو قطعهما مشتر وهو بيد البائع لم يكن قابضا له فلا يلزمه إلا ما نقص وإلا كان قابضا له مع [ ص: 160 ] كونه بيد البائع كما حكاه الإمام عن ابن سريج وقال إنه من محاسن تفريعاته .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( فصل ) في بيان حكم الغصب ( قوله : وانقسام المغصوب ) تفسير للمراد بحكم الغصب هنا ، وإلا فليس ما ذكر حكما له إذ لا تعرض فيه لحرمة ولا لعدمها ، ويجوز أن المراد بالحكم بيان الضمان وهو غير ما يضمن به ( قوله : وما يضمن به المغصوب ) أي وما يتبع ذلك كعدم إراقة المسكر على الذمي ( قوله : تضمن نفس الرقيق ) أي كلا أو بعضا فيدخل فيه المبعض فيضمن جزء الرق منه بقيمته ، وجزء الحرية بما يقابله من الدية كما يأتي ( قوله : كسائر الأموال ) أي المتقومة وإلا فالمثلي [ ص: 159 ] من الأموال يضمن بمثله كما يأتي ، ويحتمل أن التشبيه في أصل الضمان والأموال على عمومها ( قوله : بالقيمة في المغصوب ) أي المتقوم فلا يشكل بما يأتي في المثلي إذا فقد من أن الأصح فيه أنه يضمن بأقصى القيم من وقت الغصب إلى وقت الفقد ( قوله : من الغصب إلى التلف ) وفي غيره قيمة يوم التلف ا هـ حج . وهو شامل للمستام فيضمن على ما ذكره بقيمة يوم التلف : أي لائقا بالحال عادة ( قوله : فإن لم ينقص لم يلزمه شيء ) قياس ما يأتي فيما لو قطع الغاصب أصبعا زائدة ولم تنقص قيمته بالقطع أنه يعتبر هنا حاله قبل الاندمال ، اللهم إلا أن يقال : ما هنا مصور بما إذا لم تنقص قيمته شيئا لا قبل الاندمال ولا بعده

                                                                                                                            ثم رأيت في سم على حج كذلك ( قوله : أما الجناية ) أي بجرح لا مقدر له أخذا من كلام سم وهو مقابل قوله على نحو ظهر أو عنق ، لكن قد يقال هذا داخل في قوله الآتي وكذا المقدرة فلم ذكر هذا هنا فليتأمل . ويجاب بالمنع لأن المراد في الآتي أن تكون الجناية بإتلاف المقدرة ، وهنا أن تكون بإتلاف شيء فيه ا هـ سم على حج ( قوله : فإن ساواه نقص ) أي وجوبا ( قوله : أما هو ) أي الغاصب ( قوله : فيضمن بما نقص ) معتمد ، وقوله مطلقا ، أي ساوى المقدر أم زاد عليه ( قوله : إن تلفت بآفة ) أي بغير جناية أخذا من قوله وإن تلفت بجناية ( قوله : فإن نقصت ) أي القيمة وهو مستأنف ( قوله كأن سقط ذكره وأنثياه ) أي بأن سقطت بلا جناية أو قطعت قودا ا هـ سم على حج : أي أما بالجناية فيضمن ، وقوله لزمه : أي بعد الاندمال ( قوله : وهو بيد البائع ) غرضه مجرد إفادة الحكم وإلا فالكلام في المغصوب . نعم بالنظر لما فسر به الشارح اليد العادية يكون استدراكا ( قوله : لم يكن ) أي المشتري وقوله فلا يلزمه إلا ما نقص . أي إلا [ ص: 160 ] بنسبة ما نقص إلخ ، وقوله وإلا أي بأن ألزمناه ، وقوله مع كونه أي ولا قائل به .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 158 ] فصل ) في بيان حكم الغصب [ ص: 159 ] قوله : مما هو مقدر ) بيان لنحو كف أي : ولو جنى على ما هو مقدر منه بنظيره في الحر كالكف والرجل أي : والصورة أن الجناية لا مقدر لها كأن جرح كفه فهو غير ما سيأتي في المتن . ( قوله : فإن نقصت كأن سقط ذكره وأنثياه ) عبارة التحفة : فإن لم تنقص كأن سقط ذكره وأنثياه كما هو الغالب لم يجب شيء انتهت . فلا حاجة لقول الشارح فإن نقصت ; لأنه فرض المتن وسقوط الذكر والأنثيين إنما يحتاج إليه للتمثيل لعدم النقص ، وسيأتي أنه لو كان القطع بجناية أنه يضمن ( قوله : فلا يلزمه إلا ما نقص ) بمعنى أنه يستقر عليه من الثمن بنسبة ذلك النقص ويجعل [ ص: 160 ] قابضا لمقابله ، فإذا نقص ثلث القيمة يجعل قابضا للثلث ويستقر عليه ثلث الثمن




                                                                                                                            الخدمات العلمية