الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما إذا كان جيرانه أجانب وأقاربه أباعد ، فجيرانه الأجانب أولى بزكاته من أقاربه الأباعد ، وقال أبو حنيفة : أقاربه الأباعد أولى من جيرانه الأجانب : لقوله - صلى الله عليه وسلم - : لا يقبل الله صدقة امرئ وذو رحمه محتاج ، ولأن اجتماعهم في النسب صفة لازمة واجتماعهم في [ ص: 533 ] الجوار صفة زائلة ، ولأن النفقة لما وجبت بالنسب دون الجوار كان النسب في الزكاة أولى من اعتبار الجوار .

                                                                                                                                            ودليلنا عموم قوله تعالى : والجار ذي القربى الآية ، وعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - : الجار أحق بسقبه أي بقربه ، ولأنه لما تميز الأقارب بوجوب النفقة تميز الجيران باستحقاق الزكوات ، ولأنه لما كان جيرانه في دار الإسلام أولى من زكاته من أقاربه في دار الحرب كان جيرانه في بلده أولى بها من أقاربه في غير بلده . وتحريره قياسا أن قرب الدار أحق بالزكاة من قرب النسب قياسا على دار الحرب ، فأما الخبر فمحمول على أحد وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : على صدقة التطوع .

                                                                                                                                            والثاني : على ذي الرحم الذي يجب نفقته ، فأما الاعتبار للزوم الصفة في النسب دون الجوار ففاسد بالشفعة حيث روعي فيها الجوار دون النسب ، وأما الاستدلال بوجوب النفقة بالنسب دون الجوار فهو أحق أن يكون دليلا عليهم لتميز مستحقي النفقة عن مستحقي الزكاة ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية