الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وأقل من يعطى من أهل السهم ثلاثة : لأن الله تعالى ذكر [ ص: 534 ] كل صنف جماعة ، فإن أعطى اثنين وهو يجد الثالث ضمن ثلث سهم ، وإن أخرجه إلى غير بلده لم يبن لي أن عليه إعادة : لأنه أعطى أهله بالاسم وإن ترك الجوار " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : اعلم أن قسم الصدقة يختلف فيها حال العامل وحال رب المال من وجهين :

                                                                                                                                            أحد الوجهين : أن على العامل فيما يقسمه أن يعم به جميع أهل السهمان ، ويجوز لرب المال أن يقتصر في كل صنف على ثلاثة فصاعدا والفرق بينهما قد ذكرناه وهو أن العامل يقسم جميع الصدقات ، فلزمه أن يعم بها جميع أهل السهمان ورب المال يقسم بعض الصدقات ، فجاز أن يقتصر على بعض أهل السهمان .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن على العامل أن يقسم سهم كل صنف على قدر حاجاتهم ولا يجوز أن يساوي بينهم مع تفاضلهم في الحاجة ولا أن يفاضل بينهم مع تساويهم في الحاجة ، ورب المال يقسم ذلك على خياره مع تسوية وتفضيل ولا يلزمه أن يقسمه بينهم على قدر الحاجة ، والفرق بينهما أن العامل لما لزمه أن يعم جميع أهل السهمان لزمه التسوية بينهم بحسب الحاجة ، ورب المال لما لم يلزمه أن يعم جميع أهل السهمان لم يلزمه التسوية بينهم بحسب الحاجة وكان على خياره في قدر العطاء كما كان على خياره في تميز العطاء ، فإذا ثبت الفرق بين هذين الوجهين فقد مضى الكلام فيما يتولاه العامل ، فأما رب المال فلا يجوز أن يقتصر من الصنف الواحد على أقل من ثلاثة إذا وجدوا : لأن الله تعالى ذكر كل صنف بلفظ الجمع المطلق وقال : إنما الصدقات للفقراء والمساكين [ التوبة : آية 160 ] وأقل الجمع ثلاثة فرقا بين الجمع والتثنية ، أما الجمع بين الأصناف كلهم فيستوي فيه العامل ورب المال ، فلا يجوز لرب المال أن يخل بصنف منهم إذا قدر عليه في بلده كالعامل ، والفرق بين هذا وبين ألا يلزمه استيعاب كل صنف ، بخلاف العامل : لأن الله تعالى جعل كل زكاة لجميع الأصناف ولم يجعلها لجميع كل صنف .

                                                                                                                                            فإذا تقرر أن الواجب عليه أن يعطي ثلاثة من كل صنف كان بالخيار بين التسوية بينهم والتفضيل اعتبارا بالحاجة ، فأي هذه الثلاثة فعل أجزأه ، فإن قسمها على اثنين مع وجود الثالث ضمن حصة الثالث ، وفي قدر ما ضمنه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : ثلث ذلك السهم وهو المنصوص عليه في هذا الموضع اعتبارا بالتسوية عند ترك الاجتهاد في التفضيل .

                                                                                                                                            والقول الثاني : يضمن أقل ما يجزئ اعتبارا بما جعل من الخيار ، والله أعلم بالصواب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية