الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية :

                                                                                                                                                                                                                                            اتفق النحويون على أن الفعل والحرف لا يصح الإخبار عنهما ، قالوا : لأنه لا يجوز أن يقال : ضرب قتل ، ولقائل أن يقول : المثال الواحد لا يكفي في إثبات الحكم العام ، وأيضا فإنه لا يصح أن يقال : جدار سماء ، ولم يدل ذلك على أن الاسم لا يصح الإخبار عنه وبه لأجل أن المثال الواحد لا يكفي في إثبات الحكم العام ، فكذا ههنا ، ثم قيل : الذي يدل على صحة الإخبار عن الفعل والحرف وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : أنا إذا أخبرنا عن " ضرب يضرب اضرب " بأنها أفعال فالمخبر عنه في هذا الخبر إما أن يكون اسما أو فعلا أو حرفا ، فإن كان الأول كان هذا الخبر كذبا ، وليس كذلك ، وإن كان الثاني كان الفعل من حيث إنه فعل مخبرا عنه ، فإن قالوا : المخبر عنه بهذا الخبر هو هو هذه الصيغ ، وهي أسماء قلنا : هذا السؤال ركيك : لأنه على هذا التقدير يكون المخبر عنه بأنه فعل اسما ، فرجع حاصل هذا السؤال إلى القسم الأول من القسمين المذكورين في أول هذا الإشكال ، وقد أبطلناه .

                                                                                                                                                                                                                                            الثاني : إذا أخبرنا عن الفعل والحرف بأنه ليس باسم فالتقدير عين ما تقدم .

                                                                                                                                                                                                                                            الثالث : أن قولنا : " الفعل لا يخبر عنه " إخبار عنه بأنه لا يخبر عنه : وذلك متناقض ، فإن قالوا : المخبر عنه بأنه لا يخبر عنه هو هذا اللفظ ، فنقول : قد أجبنا على هذا السؤال ، فإنا نقول : المخبر عنه بأنه لا يخبر عنه إن كان اسما فهو باطل : لأن كل اسم مخبر عنه ، وأقل درجاته أن يخبر عنه بأنه اسم ، وإن كان فعلا فقد صار الفعل مخبرا عنه .

                                                                                                                                                                                                                                            الرابع : الفعل من حيث هو فعل والحرف من حيث هو حرف ماهية معلومة متميزة عما عداها ، وكل ما كان كذلك صح الإخبار عنه بكونه ممتازا عن غيره ، فإذا أخبرنا عن الفعل من حيث هو فعل بأنه ماهية ممتازة عن الاسم فقد أخبرنا عنه بهذا الامتياز .

                                                                                                                                                                                                                                            الخامس : الفعل إما أن يكون عبارة عن الصيغة الدالة على المعنى المخصوص ، وإما أن يكون عبارة عن ذلك المعنى المخصوص الذي هو مدلول لهذه الصيغة ، فإن كان الأول فقد أخبرنا عنه بكونه دليلا على المعنى ، وإن كان الثاني فقد أخبرنا عنه بكونه مدلولا لتلك الصيغة ، فهذه سؤالات صعبة في هذا المقام .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية