الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم ؛ " الظن " ؛ ههنا في معنى اليقين؛ والمعنى: " الذين يوقنون بذلك " ؛ ولو كانوا شاكين كانوا ضلالا كافرين؛ و " الظن " ؛ بمعنى اليقين موجود في اللغة؛ قال دريد بن الصمة:

                                                                                                                                                                                                                                        فقلت لهم ظنوا بألفي مقاتل ... سراتهم في الفارسي المسرد

                                                                                                                                                                                                                                        ومعناه: أيقنوا؛ وقد قال بعض أهل العلم من المتقدمين: إن الظن يقع في معنى العلم الذي لم تشاهده؛ وإن كان قام في نفسك حقيقته؛ وهذا مذهب؛ إلا أن أهل اللغة لم يذكروا هذا؛ قال أبو إسحاق : وهذا سمعته من إسماعيل بن إسحاق القاضي - رحمه الله - رواه عن زيد بن أسلم . [ ص: 127 ] وقوله: " أنهم " ؛ ههنا؛ لا يصلح في موضعها " إنهم " ؛ بالكسر؛ لأن الظن واقع؛ فلا بد من أن تكون تليه " أن " ؛ إلا أن يكون في الخبر لام؛ ويصلح في " أنهم إليه راجعون " ؛ الفتح؛ والكسر؛ إلا أن الفتح هو الوجه الذي عليه القراءة؛ فإذا قلت: " وإنهم إليه راجعون " ؛ في الكلام؛ حملت الكلام على المعنى؛ كأنه: " وهم إليه راجعون " ؛ ودخلت " أن " ؛ مؤكدة؛ ولولا ذلك لما جاز إبطالك الظن مع اللام إذا قلت: " ظننت إنك لعالم " ؛ ومعنى " ملاقو ربهم " : ملاقون ربهم؛ لأن اسم الفاعل ههنا نكرة؛ ولكن النون تحذف استخفافا؛ ولا يجوز في القرآن إثباتها؛ لأنه خلاف المصحف؛ ولا يجوز أن يقع شيء في المصحف مجمع عليه فيخالف؛ لأن اتباع المصحف أصل اتباع السنة.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية