الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                [ ص: 406 ] الحديث الثاني:

                                418 428 حدثنا مسدد: ثنا عبد الوارث، عن أبي التياح، عن أنس، قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فنزل أعلى المدينة في حي يقال لهم: بنو عمرو بن عوف، فأقام النبي صلى الله عليه وسلم أربع عشرة ليلة، ثم أرسل إلى بني النجار فجاءوا متقلدين السيوف، فكأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم على راحلته، وأبو بكر ردفه، وملأ بني النجار حوله، حتى ألقى بفناء أبي أيوب، وكان يحب أن يصلي حيث أدركته الصلاة، ويصلي في مرابض الغنم، وإنه أمر ببناء المسجد، فأرسل إلى ملأ بني النجار، فقال: " يا بني النجار، ثامنوني بحائطكم هذا ". قالوا: لا والله، لا نطلب ثمنه إلا إلى الله عز وجل. قال أنس: فكان فيه ما أقول لكم: قبور المشركين، وفيه خرب، وفيه نخل، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقبور المشركين فنبشت، ثم بالخرب فسويت، ثم بنخل فقطع، فصفوا النخل قبلة المسجد، وجعلوا عضادتيه بالحجارة، وجعلوا ينقلون الصخر وهم يرتجزون، والنبي صلى الله عليه وسلم معهم وهو يقول:


                                اللهم لا خير إلا خير الآخره فاغفر للأنصار والمهاجره



                                التالي السابق


                                أعلى المدينة : هو العوالي والعالية، وهو قباء وما حوله، وكانت قباء مسكن بني عمرو بن عوف .

                                وقيل: إن كل ما كان من جهة نجد من المدينة ، من قراها وعمائرها إلى تهامة يسمى العالية، وما كان دون ذلك يسمى السافلة.

                                [ ص: 407 ] وبنو النجار كانوا أخوال النبي صلى الله عليه وسلم. وقد ذكرنا سبب ذلك في " كتاب الإيمان " في " باب: الصلاة من الإيمان ".

                                وكان مقصود النبي صلى الله عليه وسلم أن ينتقل من العوالي إلى وسط المدينة ، وأن يتخذ بها مسكنا يسكنه.

                                وفي إردافه لأبي بكر في ذلك اليوم دليل على شرف أبي بكر واختصاصه به دون سائر أصحابه.

                                وقوله: " وملأ بني النجار حوله " - يريد: رجالهم وشجعانهم وأشرافهم.

                                وقوله: " حتى ألقى بفناء أبي أيوب " - أي: بفناء داره، و" ألقى " بالقاف، ومعناه: أنه نزل به، فإن السائر إذا نزل بمكان ألقى فيه رحله وما معه.

                                وقد ذكر شرحبيل بن سعد وأهل السير: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كلما مر بدار من دور الأنصار كبني سالم وبني الحارث بن الخزرج وبني عدي أخذوا بخطام راحلته، وعرضوا عليه النزول بحيهم، وهو يقول: " خلوا سبيلها ; فإنها مأمورة " حتى بركت بفناء دار أبي أيوب عند مسجده الذي بناه.

                                وقول أنس : " وكان يحب أن يصلي حيث أدركته الصلاة ويصلي في مرابض الغنم " موافق لقوله صلى الله عليه وسلم: " جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل أدركته الصلاة فعنده مسجده وطهوره ". ولقوله لما سئل: أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: " المسجد الحرام ". قيل له: ثم أي؟ قال: " ثم مسجد بيت المقدس ". قيل: كم بينهما؟ قال: " أربعون سنة ". ثم قال: " الأرض لك مسجد، فأينما أدركتك الصلاة فصل ; فإنه لك مسجد ".

                                [ ص: 408 ] وقوله: فأرسل إلى بني النجار ، فقال: " ثامنوني بحائطكم " - يعني: بيعوني إياه بثمنه.

                                قال الخطابي : وفيه أن صاحب السلعة أحق بالسوم.

                                فإنه طلب منهم أن يذكروا له الثمن، ولم يقطع ثمنا من عنده.

                                والحائط: ما فيه شجر وعليه بنيان.

                                وقوله: " قالوا: والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله " يدل على أنهم لم يأخذوا له ثمنا، وقد ذكر الزهري وغيره خلاف ذلك.

                                قال ابن سعد : أبنا الواقدي : حدثني معمر ، عن الزهري ، قال: بركت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موضع مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يومئذ يصلي فيه رجال من المسلمين، وكان مربدا لسهل وسهيل : غلامين يتيمين من الأنصار ، وكانا في حجر أبي أمامة أسعد بن زرارة ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغلامين، فساومهما بالمربد ; ليتخذه مسجدا. فقالا: بل نهبه لك يا رسول الله. فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ابتاعه منهما .

                                قال الواقدي : وقال غير معمر ، عن الزهري : فابتاعه بعشرة دنانير. وقال معمر ، عن الزهري : وأمر أبا بكر أن يعطيهما ذلك.

                                وهذا إن صح يدل على أن الغلامين كانا قد بلغا الحلم.

                                وحديث أنس أصح من رواية يرويها الواقدي عن معمر وغيره، عن الزهري مرسلة، فإن مراسيل الزهري لو صحت عنه فهي من أضعف المراسيل، فكيف إذا تفرد بها الواقدي ؟

                                وقد روي عن الحسن ، أنهما وهباه للنبي صلى الله عليه وسلم فقبله:

                                [ ص: 409 ] قال المفضل الجندي في "فضائل المدينة " له: ثنا محمد بن يحيى : ثنا سفيان ، عن أبي موسى ، عن الحسن ، قال: كان مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مربدا لغلامين من الأنصار ، يقال لهما: سهل وسهيل ، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم أعجبه، فكلم فيه عمهما - وكانا في حجره - أن يبتاعه منهما، فأخبرهما عمهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراده، فقالا: نحن نعطيه إياه. فأعطياه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبناه.

                                قال الحسن : فأدركت فيه أصول النخل غلابا - يعني: غلاظا - وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إلى جذع منها، ويسند إليه ظهره، ويصلي إليه.

                                ثم قال الواقدي - في روايته عن معمر ، عن الزهري -: وكان - يعني: ذلك المربد - جدارا مجدرا، ليس عليه سقف، وقبلته إلى بيت المقدس ، كان أسعد بن زرارة بناه، فكان يصلي بأصحابه فيه، ويجمع فيه بهم الجمعة قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنخل الذي في الحديقة، وبالغرقد الذي فيه أن يقطع، وأمر باللبن فضرب، وكان في المربد قبور جاهلية، فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فنبشت، وأمر بالعظام أن تغيب، وكان في المربد ماء مستنجل فسيروه حتى ذهب، وأسسوا المسجد، فجعلوا طوله مما يلي القبلة إلى مؤخره مائة ذراع، وفي هذين الجانبين مثل ذلك، فهو مربع - ويقال: كان أقل من المائة - وجعلوا الأساس قريبا من ثلاثة أذرع على الأرض بالحجارة، ثم بنوه باللبن، وبناه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وجعل ينقل معهم الحجارة بنفسه، وهو يقول:


                                اللهم لا عيش إلا عيش الآخره فاغفر للأنصار والمهاجره



                                [ ص: 410 ] وجعل يقول:


                                هذا الحمال لا حمال خيبر هذا أبر - ربنا - وأطهر



                                وجعل قبلته إلى بيت المقدس ، وجعل له ثلاثة أبواب: بابا في مؤخره، وبابا يقال له: باب الرحمة، وهو الباب الذي يدعى باب عاتكة ، والباب الثالث الذي يدخل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الباب الذي يلي آل عثمان ، وجعل طول الجدار بسطة وعمده الجذوع، وسقفه جريدا، فقيل له: ألا نسقفه؟ فقال: " عريش كعريش موسى ، خشيبات وثمام، الشأن أعجل من ذلك ".

                                وبنى بيوتا إلى جنبه باللبن، وسقفها بجذوع النخل والجريد، فلما فرغ من البناء بنى بعائشة في البيت الذي بابه شارع إلى المسجد، وجعل سودة بنت زمعة في البيت الآخر الذي يليه إلى الباب الذي يلي آل عثمان . انتهى.

                                وذكر ابن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام في منزل أبي أيوب سبعة أشهر.

                                وهذا يدل على أن بعض حجره تم بناؤه بعد ذلك، وانتقل إليها.

                                وروى ابن سعد - أيضا - عن الواقدي : ثنا عبد الرحمن بن أبي الرجال ، قال: مات أسعد بن زرارة في شوال، على رأس تسعة أشهر من الهجرة، ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ يبنى.

                                وهذا يدل على أن بناء المسجد لم يتم إلا بعد تسعة أشهر من الهجرة.

                                [ ص: 411 ] وأما قول أنس : " فكان فيه ما أقول لكم: قبور المشركين ، وفيه خرب، وفيه نخل ".

                                لفظة: " خرب " رويت بالخاء المعجمة والباء الموحدة. ورويت: "حرث" بالحاء والثاء المثلثة.

                                قال الإسماعيلي : من قال: " حرث " فهو محتمل ; لأن ما حرث ولم يزرع أو زرع فرفع زرعه كانت الأخاديد والشقوق باقية في الأرض.

                                يشير إلى أن ذلك يناسب قوله: " فأمر بالحرث فسويت ".

                                قال: ومن قال: " خرب " فهو صحيح ; فهو جمع خربة أو خربة - بضم الخاء - وهو العيب، كالجحر والشق ونحوه.

                                قال: وأما " الخرب " فهو كقولك: مكان خرب - يعني: أنه يكون وصفا لمذكر.

                                قال: والحديث خارج على تأنيث هذا الحرف، فكأنه بالجمع أشبه.

                                وقال الخطابي : روي " خرب " - يعني: بكسر الخاء وبفتح الراء - قال الليث : هي لغة تميم خرب، والواحد خربة.

                                قال: وسائر الناس يقولون: " خرب " - يعني: بفتح الخاء وكسر الراء - جمع خربة، كما قيل: كلم جمع كلمة. ولعل الصواب " الخرب " مضمومة الخاء، جمع خربة، وهي الخروق التي في الأرض، إلا أنهم يقولونها في كل ثقبة مستديرة.

                                قال: ولعل الرواية: "الجرف" جمع الجرفة، وهي جمع الجرف، كما قيل: خرج وخرجة، وترس وترسة.

                                [ ص: 412 ] قال: وأبين منها - إن ساعدت الرواية -: " حدب " جمع حدبة؛ لقوله: " فسويت " وإنما يسوى المكان المحدودب، أو ما فيه خروق، فأما الخرب فتبنى وتعمر. انتهى ما ذكره.

                                وفيه تكلف شديد، وتلاعب بهذه اللفظة بحسب ما يدخلها من الاحتمالات المستبعدة. والرواية التي رواها الحفاظ: " خرب " فإن كان مفردا، فإنما أنث تسويته ; لأن التأنيث يعود إلى أماكنه، والظاهر أنها كانت متعددة، وإن كان " خرب " - بالجمع - فتأنيثها واضح.

                                ومعنى تسوية الخرب: أن البناء الخراب المستهدم يصير في موضعه أماكن مرتفعة عن الأرض فتحتاج إلى أن تحفر وتسوى بالأرض، وهذا أمر واضح ظاهر، لا يحتاج إلى تكلف ولا تعسف.

                                وأما " النخل " فقد أخبر أنس أنه قطع، وصف قبلة للمسجد، وأما " قبور المشركين " فنبشت، وذكر أنهم بدءوا بنبش القبور، ثم بتسوية الخرب، ثم بقطع النخل.

                                والمقصود من تخريج الحديث في هذا الباب: أن موضع المسجد كان فيه قبور للمشركين، فنبشت قبورهم، وأخرجت عظامهم منها، وهذا يدل على أن المقبرة إذا نبشت وأخرج ما فيها من عظام الموتى لم تبق مقبرة، وجازت الصلاة فيها.

                                ويدل على كراهة الصلاة في المقبرة ولو كانت قبور المشركين ; لما فيه من سد الذريعة إلى اتخاذ القبور مساجد، فإنه إذا تطاول العهد، ولم تعرف الحال، خشي من ذلك الفتنة.

                                وقد يقال مع ذلك: إن في نبش عظام المشركين للصلاة في أماكنها تباعدا [ ص: 413 ] في الصلاة عن مواضع العذاب والغضب، وهي مما يكره الصلاة فيها، كما سيأتي ذكره - إن شاء الله تعالى.

                                وفي الحديث: دليل على طهارة الأرض بالاستحالة; فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر عند نبش الأرض بإزالة تراب القبور ولا تطهيرها، ولو فعل ذلك لما أهمل نقله ; للحاجة إليه.

                                ويدل عليه - أيضا -: أن الصحابة كانوا يخوضون الطين في الطرقات ولا يغسلون أرجلهم - كما تقدم عنهم - والنجاسات مشاهدة في الطرقات، فلو لم تطهر بالاستحالة لما سومح في ذلك.

                                وهذا قول طائفة من العلماء من السلف، كأبي قلابة وغيره، ورجحه بعض أصحابنا، وهو رواية عن أبي حنيفة ، والمشهور عنه: أن الأرض النجسة إذا جفت فإنه يصلى عليها، ولا يتيمم بها.

                                ومذهب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم: أنها نجسة بكل حال.

                                وفي الحديث: دليل على أن قبور المشركين لا حرمة لها ، وأنه يجوز نبش عظامهم، ونقلهم من الأرض للانتفاع بالأرض إذا احتيج إلى ذلك.

                                واختلفوا في نبش قبورهم لطلب ما يدفن معهم من مال، فرخص فيه كثير من العلماء. حكاه ابن عبد البر عن أبي حنيفة والشافعي . قال: وكرهه مالك ولم يحرمه، وكان الناس يفعلون ذلك في أول الإسلام كثيرا.

                                وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بقبر أبي رغال ، فأخبرهم أن معه غصنا من ذهب، فنبشوه واستخرجوه منه.

                                ومن العلماء من كره ذلك، منهم الأوزاعي ، وعلل بأنه يكره الدخول إلى مساكنهم ; خشية نزول العذاب، فكيف بقبورهم؟

                                [ ص: 414 ] وكره بعض السلف نبش القبور العادية المجهولة ; خشية أن يصادف قبر نبي أو صالح، وخصوصا بأرض الشام كالأردن .

                                ونص أحمد على أنه إذا غلب المسلمون على أرض الحرب فلا تنبش قبورهم.

                                وهذا محمول على ما إذا كان النبش عبثا لغير مصلحة، أو أن يخشى منه أن يفعل الكفار مثل ذلك بالمسلمين إذا غلبوا على أرضهم.

                                وفي الحديث: دليل على أن بيع الأرض التي في بعضها قبور صحيح، فإن النبي صلى الله عليه وسلم طلب شراء هذا المربد .

                                وهذه المسألة على قسمين:

                                أحدهما: أن يكون المقبور في الأرض يجوز نبشه ونقله، كأهل الحرب، ومن دفن في مكان مغصوب، فهذا لا شك في صحة البيع للأرض كلها، وينقل المدفون فيها، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنقل عظام المشركين من المربد .

                                والثاني: أن يكون المقبور محترما لا يجوز نبشه، فلا يصح بيع موضع القبور خاصة.

                                وهل يصح في الباقي؟ يخرج على الخلاف المشهور في تفريق الصفقة.

                                ولو اشترى أرضا، فوجد في بعضها عظام موتى، ولم يعلم: هل هي مقبرة أم لا؟ فقال ابن عقيل من أصحابنا وبعض الشافعية في زمنه: لا يصح البيع في محل الدفن ; لأن تلك البقعة إما أن تكون مسبلة، وإما أن تكون ملكا للميت قد وصى بدفنه فيها، فيكون أحق بها، ولا ينقل إلى الورثة.

                                وهذا الذي قالوه هو الأغلب، وإلا فيحتمل أن يكون الدفن في أرض مغصوبة أو مغارة للدفن، إلا أن هذا قليل أو نادر، فلا يعول عليه. والله أعلم.

                                [ ص: 415 ] والمنصوص عن أحمد : أنه إذا دفن في بيت من داره فلا بأس ببيعه، ما لم يجعل مقبرة مسبلة.

                                وفي الحديث: دليل على جواز قطع النخل لمصلحة في قطعه، وقد نص على جوازه أحمد : إذا كان في داره نخلة ضيقت عليه فلا بأس أن يقطعها.

                                وكره جماعة قطع الشجر الذي يثمر، منهم: الحسن والأوزاعي وإسحاق ، وكره أحمد قطع السدر خاصة؛ لحديث مرسل ورد فيه، وقال: قل إنسان فعله إلا رأى ما يكره في الدنيا.

                                ورخص في قطعه آخرون. والله أعلم.



                                الخدمات العلمية