الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5432 ) الفصل الرابع : أنه إذا كان إسلام أحدهما بعد الدخول ، ففيه عن أحمد روايتان ; إحداهما ، يقف على انقضاء العدة ، فإن أسلم الآخر قبل انقضائها ، فهما على النكاح ، وإن لم يسلم حتى انقضت العدة ، وقعت الفرقة منذ اختلف الدينان ، فلا يحتاج إلى استئناف العدة

                                                                                                                                            وهذا قول الزهري ، والليث ، والحسن بن صالح ، والأوزاعي ، والشافعي ، وإسحاق . ونحوه عن مجاهد ، وعبد الله بن عمر ، ومحمد بن الحسن . والرواية الثانية ، تتعجل الفرقة . وهو اختيار الخلال وصاحبه ، وقول الحسن ، وطاوس ، وعكرمة ، وقتادة ، والحكم . وروي ذلك عن عمر بن عبد العزيز ، [ ص: 118 ] ونصره ابن المنذر وقول أبي حنيفة هاهنا كقوله فيما قبل الدخول ، إلا أن المرأة إذا كانت في دار الحرب ، فانقضت عدتها ، وحصلت الفرقة ، لزمها استئناف العدة . وقال مالك : إن أسلم الرجل قبل امرأته ، عرض عليها الإسلام ، فإن أسلمت ، وإلا وقعت الفرقة ، وإن كانت غائبة تعجلت الفرقة ، وإن أسلمت المرأة قبله وقفت على انقضاء العدة

                                                                                                                                            واحتج من قال بتعجيل الفرقة بقوله سبحانه : { ولا تمسكوا بعصم الكوافر . } ولأن ما يوجب فسخ النكاح لا يختلف بما قبل الدخول وبعده ، كالرضاع

                                                                                                                                            ولنا ، ما روى مالك في موطئه ، عن ابن شهاب قال : كان بين إسلام صفوان بن أمية وامرأته بنت الوليد بن المغيرة نحو من شهر ، أسلمت يوم الفتح ، وبقي صفوان حتى شهد حنينا والطائف وهو كافر ، ثم أسلم ، فلم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما ، واستقرت عنده امرأته بذلك النكاح . قال ابن عبد البر : وشهرة هذا الحديث أقوى من إسناده وقال ابن شهاب : أسلمت أم حكيم يوم الفتح ، وهرب زوجها عكرمة حتى أتى اليمن ، فارتحلت حتى قدمت عليه اليمن ، فدعته إلى الإسلام ، فأسلم ، وقدم فبايع النبي صلى الله عليه وسلم فثبتا على نكاحهما

                                                                                                                                            وقال ابن شبرمة : كان الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم الرجل قبل المرأة ، والمرأة قبل الرجل ، فأيهما أسلم قبل انقضاء عدة المرأة ، فهي امرأته ، وإن أسلم بعد العدة ، فلا نكاح بينهما . ولأن أبا سفيان خرج فأسلم عام الفتح قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم مكة ، ولم تسلم هند امرأته حتى فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة ، فثبتا على النكاح . وأسلم حكيم بن حزام قبل امرأته . وخرج أبو سفيان بن الحارث وعبد الله بن أبي أمية فلقيا النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح بالأبواء فأسلما قبل نسائهما ولم يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين أحد ممن أسلم وبين امرأته ، ويبعد أن يتفق إسلامهما دفعة واحدة ، ويفارق ما قبل الدخول ، فإنه لا عدة لها فتتعجل البينونة ، كالمطلقة واحدة ، وهاهنا لها عدة ، فإذا انقضت ، تبينا وقوع الفرقة من حين أسلم الأول ، فلا يحتاج إلى عدة ثانية ; لأن اختلاف الدين سبب الفرقة ، فتحتسب الفرقة منه كالطلاق .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية