الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وليمحص الله الذين آمنوا أي ليطهرهم من الذنوب ، ويصفيهم من السيئات . [ ص: 70 ] وأصل التمحيص كما قال الخليل : تخليص الشيء من كل عيب يقال : محصت الذهب إذا أزلت خبثه .

                                                                                                                                                                                                                                      والجملة معطوفة على (يتخذ) وتكرير اللام للاعتناء بهذه العلة ولذلك أظهر الاسم الجليل في موضع الإضمار أو لتذكير التعليل لوقوع الفصل بينهما بالاعتراض ، وهذه الأمور الثلاثة كما قال مولانا شيخ الإسلام علل للمداولة المعهودة باعتبار كونها على المؤمنين قدمت في الذكر لأنها المحتاجة إلى البيان ، ولعل تأخير العلة الأخيرة عن الاعتراض لئلا يتوهم اندراج المذنبين في الظالمين ، أو لتقترن بقوله عز وجل : ويمحق الكافرين (141) لما بينهما من المناسبة حيث إن في كل من التمحيص والمحق إزالة إلا أن في الأول إزالة الآثار وإزاحة الأوضار ، وفي الثاني إزالة العين وإهلاك النفس ، وأصل المحق تنقيص الشيء قليلا قليلا ، ومنه المحاق ، والمعنى : ويهلك الكافرين ، ولا يبقي منهم أحدا ، ينفخ النار ، وهذا علة للمداولة باعتبار كونها عليهم ، والمراد منهم هنا طائفة مخصوصة وهم الذين حاربوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يوم أحد ، وأصروا على الكفر ، فإن الله تعالى محقهم جميعا ، وقيل : يجوز أن يكون هذا علة للمداولة باعتبار كونها على المؤمنين أيضا ، فإن الكفار إذا غلبوا أحيانا اغتروا وأوقعهم الشيطان في أوحال الأمل ، ووسوس لهم فبقوا مصرين على الكفر فأهلكهم الله تعالى بذنوبهم وخلدهم في النار .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية