الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة : {مثلا}: مفعول، و {كلمة}: بدل منه.

                                                                                                                                                                                                                                      والكاف في {كشجرة}: في موضع نصب على الحال من {كلمة} ؛ التقدير: كلمة طيبة مشبهة شجرة طيبة، ويجوز أن تكون نعتا لـ {طيبة}.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 620 ] ومن قرأ بتنوين من كل ما سألتموه ؛ فعلى تقدير: وآتاكم من كل شيء سألتموه أن يؤتيكم منه، وموضع (ما) نصب؛ بأنها مفعولة، وهي على قراءة الإضافة في موضع جر، والمفعول محذوف؛ التقدير: وآتاكم سؤلكم من كل شيء سألتموه، أو آتاكم من كل ما سألتموه شيئا، وقد تقدم ذكره.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {وأجنبني} ؛ فهي لغة لبني تميم، يقال: (أجنبته إجنابا) ؛ بمعنى: جنبته جنوبا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ربنا ليقيموا الصلاة : دخول النداء اعتراض، و (اللام) متعلقة بـ {أسكنت}.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {تهوى إليهم} ؛ فهو محمول على المعنى؛ لأن معنى {تهوى إليهم} و (تميل) سواء، وقد تقدم القول في نظائره.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {تهوي} ؛ فهي منقولة بالهمزة من قراءة الجماعة، وهي راجعة إلى معنى المحبة؛ لأن قولك: (فلان يهوي إلى فلان) ؛ كقولك: (ينحط في هواه)، ويجوز أن تكون {تهوي} منقولة من قراءة من قرأ: {تهوى}.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ومن ذريتي أي: واجعل من ذريتي من يقيم الصلاة؛ فحذف [ ص: 621 ] (اجعل) في اللفظ، وهو في تقدير الثبات، كما كان الفعل في قوله: آلآن وقد عصيت قبل [يونس: 91] مرادا؛ أي: الآن أسلمت وقد عصيت قبل؟! ومن قرأ: {ربنا اغفر لي ولوالدي} ؛ أراد: أباه وحده، ومن قرأ: {ولولدي} ؛ أراد: إسماعيل وإسحاق، ومن قرأ: {ولولدي} ؛ فإن (الولد) يكون جمعا وواحدا، فإذا كان جمعا؛ فهو جمع (ولد) ؛ كـ (أسد وأسد)، و (الولد): يكون للواحد والجميع، والذكر والأنثى، ومثل كون (ولد) للواحد قول الشاعر: [من الطويل]


                                                                                                                                                                                                                                      فليت زيادا كان في بطن أمه وليت زيادا كان ولد حمار

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: مهطعين مقنعي رءوسهم : حالان من الضمير المحذوف من [{الأبصار} ؛ التقدير: إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه أبصارهم في هاتين [ ص: 622 ] الحالتين، والضمير المحذوف عائد على فاعل] {يعمل} في قوله: عما يعمل الظالمون ، وكذلك: لا يرتد إليهم طرفهم ، والوقف عليه كاف.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وأفئدتهم هواء : ابتداء وخبر في موضع الحال، أو منقطع مما قبله.

                                                                                                                                                                                                                                      وزيادة الياء في {أفئدة} وجهه: إشباع حركة الهمزة، على ما قدمناه في غير موضع من إشباع الحركات، ومذهب العرب فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب : يوم يأتيهم : مفعول، وليس بظرف لـ(الإنذار) ؛ لأن (الإنذار) لا يكون في يوم القيامة.

                                                                                                                                                                                                                                      فيقول الذين ظلموا : معطوف على {يأتيهم}، ولا يكون جوابا لـ {وأنذر} فينصب؛ لأن المعنى يصير: إن أنذرتهم في الدنيا؛ قالوا: ربنا أخرنا إلى أجل [ ص: 623 ] قريب، وذلك من قولهم في الآخرة، لا في الدنيا.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {ونبين لكم كيف فعلنا بهم} بالنون؛ فلقوله: فعلنا بهم ، وقراءة الجماعة مثلها في المعنى؛ لأن ذلك لا يتبين لهم إلا بتبيين الله تعالى إياه.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {لتزول منه الجبال} ؛ فـ {إن} مخففة من الثقيلة، على ما تقدم في التفسير، ومن قرأ {لتزول} ؛ فـ {إن} بمعنى: (ما)، على ما قدمناه.

                                                                                                                                                                                                                                      فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله : اسم الله تعالى و {مخلف}: مفعولا (تحسب)، و {رسله}: مفعول {وعده}، وهو على الاتساع؛ والمعنى: مخلف رسله وعده.

                                                                                                                                                                                                                                      يوم تبدل الأرض غير الأرض أي: اذكر يوم تبدل الأرض غير الأرض، و {غير}: نعت لمحذوف؛ التقدير: تبدل الأرض أرضا غير الأرض، {والسماوات} أي: وتبدل السماوات.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {سرابيلهم من قطر آن} ؛ فـ (القطر): النحاس، و (الآني): الذي قد أنى وأدرك؛ أي: قد انتهى حره، ومن قرأ: {قطران} ؛ فهو قطران الإبل.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 624 ] ومن قرأ: {ولينذروا به} ؛ فهي لغة، يقال: (نذرت بالشيء، أنذر) ؛ إذا علمت به، فاستعددت له، ولم يستعملوا منه مصدرا، كما لم يستعملوه من (عسى) و (ليس)، وكأنهم استغنوا بـ(أن) والفعل؛ كقولك: (سرني أن نذرت بالشيء).

                                                                                                                                                                                                                                      واللامات في {ولينذروا}، و {ليعلموا}، و {ليذكر}: متعلقة بمحذوف؛ والتقدير: ولذلك أنزلناه.

                                                                                                                                                                                                                                      ووجه كسر ياء الإضافة في {بمصرخي}: التشبيه بهاء الإضمار، فوصلت بياء؛ كما توصل هاء الإضمار، ثم حذفت الياء، وبقيت الكسرة؛ لاجتماع ثلاث ياءات، وهي لغة لبني يربوع، وقد تقدم ذكر ذلك، وبسطته في "الكبير".

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      هذه السورة مكية سوى ثلاث آيات منها نزلت في الذين قتلوا يوم بدر في قول بعض المفسرين؛ وهي قوله تعالى: ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا إلى قوله: فإن مصيركم إلى النار [28-30].

                                                                                                                                                                                                                                      وعددها في المدنيين والمكي: أربع وخمسون آية، وفي الشامي: خمس، وفي الكوفي: اثنتان وخمسون، وفي البصري: إحدى وخمسون.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 625 ] اختلافها سبع آيات:

                                                                                                                                                                                                                                      لتخرج الناس من الظلمات إلى النور : [مدنيان، ومكي، وشامي، ومثله: أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور ].

                                                                                                                                                                                                                                      وعاد وثمود : مدنيان، ومكي، وبصري.

                                                                                                                                                                                                                                      بخلق جديد : كوفي، ومدني الأول، وشامي.

                                                                                                                                                                                                                                      وفرعها في السماء : الجماعة سوى المدني الأول.

                                                                                                                                                                                                                                      وسخر لكم الليل والنهار : عدها الجماعة سوى البصري.

                                                                                                                                                                                                                                      عما يعمل الظالمون : شامي.

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية