الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الشرط الثالث : أهلية الذابح .

                                                                                                                                                                        وفيه مسائل : إحداها : يستحب أن يذبح ضحيته وهديه بنفسه . وله أن يوكل في ذبحها من تحل ذبيحته ، والأولى أن يوكل مسلما فقيها ، لعلمه بشروطها . ولا يجوز توكيل المجوسي والوثني ، بخلاف الكتابي . وإذا وكل فيستحب أن يحضر الذبح . ويكره توكيل الصبي في ذبحها . وفي كراهة توكيل الحائض ، وجهان :

                                                                                                                                                                        قلت : الأصح : لا يكره ؛ لأنه لم يصح فيه نهي . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        والحائض أولى من الصبي ، والصبي المسلم أولى من الكتابي .

                                                                                                                                                                        الثانية : النية شرط في التضحية . وهل يجوز تقديمها على الذبح ، أم يجب أن تكون مقرونة به ؟ وجهان : أصحهما : الجواز . ولو قال : جعلت هذه الشاة ضحية ، فهل يكفيه التعيين والقصد عن نية الذبح ؟ وجهان : أصحهما عند الأكثرين : لا يكفيه ؛ لأن التضحية قربة في نفسها ، فوجبت النية فيها ، واختار الإمام والغزالي : الاكتفاء . ولو التزم ضحية في ذمته ، ثم عين شاة عما في ذمته ، بني

                                                                                                                                                                        [ على ] الخلاف في أن المعينة ، هل تتعين عن المطلقة في الذمة ؟ إن قلنا :

                                                                                                                                                                        [ لا ] فلا بد من النية عند الذبح ، وإلا ، فعلى الوجهين ، ولو وكل ونوى عند [ ص: 201 ] ذبح الوكيل ، كفى ولا حاجة إلى نية الوكيل ، بل لو لم يعلم أنه مضح ، لم يضر . وإن نوى عند الدفع إلى الوكيل فقط ، فعلى الوجهين في تقديم النية . ويجوز أن يفوض النية إلى الوكيل إن كان مسلما ، وإن كان كتابيا ، فلا .

                                                                                                                                                                        الثالثة : العبد القن ، والمدبر ، والمستولدة ، لا يجوز لهم التضحية إن قلنا بالمشهور : إنهم لا يملكون بالتمليك ، فإن أذن السيد ، وقعت التضحية عن السيد . فإن قلنا : يملكون ، لم يجز تضحيتهم بغير إذنه ؛ لأن له حق الانتزاع . فإن أذن ، وقعت عنهم ، كما لو أذن لهم في التصدق ، وليس له الرجوع بعد الذبح ولا بعد جعلها ضحية . والمكاتب لا تجوز تضحيته بغير إذن السيد ، فإن أذن ، فعلى القولين في تبرعه بإذنه . ومن بعضه رقيق ، له أن يضحي بما ملكه بحريته ، ولا يحتاج إلى إذن .

                                                                                                                                                                        الرابعة : لو ضحى عن الغير بغير إذنه ، لم يقع عنه . وفي التضحية عن الميت ، كلام يأتي في الوصية إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                        قلت : إذا ضحى عن غيره بلا إذن ، فإن كانت الشاة معينة بالنذر ، وقعت عن المضحي ، وإلا ، فلا ، كذا قاله صاحب " العدة " وغيره . وأطلق الشيخ إبرهيم المروذي : أنها تقع عن المضحي ، قال هو وصاحب " العدة " : لو أشرك غيره في ثواب أضحيته وذبح عن نفسه ، جاز ، قالا : وعليه يحمل الحديث المتقدم : " اللهم تقبل من محمد وآل محمد " . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية