الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2749 باب 2905 - حدثنا مسدد ، حدثنا يحيى ، عن سفيان قال : حدثني سعد بن إبراهيم ، عن عبد الله بن شداد ، عن علي حدثنا قبيصة ، حدثنا سفيان ، عن سعد بن إبراهيم قال : حدثني عبد الله بن شداد : قال سمعت عليا - رضي الله عنه - يقول : ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفدي رجلا بعد سعد ، سمعته يقول : " ارم فداك أبي وأمي " . [4058 ، 4059 ، 6184 - مسلم: 2411 - فتح: 6 \ 93]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث علي : ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفدي رجلا بعد سعد ، سمعته يقول : "ارم فداك أبي وأمي " .

                                                                                                                                                                                                                              الشرح :

                                                                                                                                                                                                                              ادعى المهلب أن هذا مما خص به سعد ، وليس كذلك ففي الصحيحين أنه فدى الزبير بذلك ، وقد سلف ، ولعل عليا لم يسمعه . قال النووي : وقد جمعهما لغيرهما أيضا ، والفدية بذلك جائزة عند الجمهور ، وكرهه عمر بن الخطاب والحسن البصري ، وكرهه بعضهم في التفدية بالمسلم من أبويه . والصحيح الجواز مطلقا ; لأنه ليس فيه حقيقة فداء ، وإنما هو بر ولطف وإعلام بمحبته له ، وقد وردت الأحاديث الصحيحة بالتفدية مطلقا .

                                                                                                                                                                                                                              وأما ما روى أبو أسامة - عن مبارك ، عن الحسن : دخل الزبير على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وهو شاك ; فقال : كيف تجدك جعلني الله فداك ؟ فقال

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 627 ] - صلى الله عليه وسلم - : "ما تركت أعرابيتك بعد "
                                                                                                                                                                                                                              قال الحسن : لا ينبغي أن يفدي أحد أحدا . ورواه المنكدر عن أبيه قال : دخل الزبير فذكره . . - فغير صحيح لإرسال الأول وضعف الثاني .

                                                                                                                                                                                                                              قال الطبري : هذه أخبار واهية لا (يثبت بمثلها ) حجة ; لأن مراسيل الحسن أكثرها صحف غير سماع ، وإذا وصل الأخبار فأكثر روايته عن مجاهيل لا يعرفون ، والمنكدر بن محمد عند أهل النقل لا يعتمد على نقله . وعلى تقدير الصحة ليس فيه النهي عن ذلك ، والمعروف من قول القائل إذا قال : فلان لم يترك أعرابيته أنه نسبه إلى الجفاء لا إلى فعل ما لا يجوز ، وأعلمه أن غيره من القول والتحية ألطف وأرق منه . وسيمر بك شيء من هذا المعنى في كتاب الأدب إن شاء الله .

                                                                                                                                                                                                                              ثم التفدية منه دعاء ، وأدعيته مستجابة ، وقد يوهم أن يكون فيه إزراء بحق الوالدين ، وإنما جاز ذلك ; لأن أبويه ماتا وهما هما ، وسعد مسلم ، ففديته بهما غير محظور ، قاله الخطابي .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه : دلالة على حرمة الأبوة كيف كانت وحقها ; لأنه لا يفدي إلا بذي حرمة ومنزلة ، وإلا لم تكن بفدية ولا بفضيلة للمفدى . ومن هنا قال مالك : من آذى مسلما في أبويه الكافرين عوقب وأدب بحرمتهما عليه .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية