الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2752 [ ص: 631 ] 83 - باب: حلية السيوف

                                                                                                                                                                                                                              2909 - حدثنا أحمد بن محمد ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا الأوزاعي قال : سمعت سليمان بن حبيب قال : سمعت أبا أمامة يقول : لقد فتح الفتوح قوم ما كانت حلية سيوفهم الذهب ولا الفضة ، إنما كانت حليتهم العلابي والآنك والحديد . [فتح: 6 \ 95]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه : حدثنا أحمد بن محمد ، ثنا عبد الله ، أنا الأوزاعي : سمعت سليمان بن حبيب قال : سمعت أبا أمامة يقول ؟ لقد فتح الفتوح قوم ما كانت حلية سيوفهم الذهب ولا الفضة ، إنما كانت حليتهم العلابي والآنك والحديد .

                                                                                                                                                                                                                              وهو من أفراده ، وعند الإسماعيلي : دخل -يعني سليمان بن (حبيب ) - على أبي أمامة حمص فبصر برجل عليه سيف محلى ، فغضب غضبا شديدا وقال : لأنتم أبخل من أهل الجاهلية ، إن الله يرزق منكم الدرهم ينفقه في سبيل الله بسبعمائة ، ثم إنكم تمسكون . ولما رواه أبو نعيم : قال الأوزاعي : (العلابي ) : الجلود الخام التي ليست بمدبوغة . ولابن ماجه : دخلنا على أبي أمامة فرأى في سيوفنا [شيئا] من حلية فضة ، فغضب . . الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              و (عبد الله ) في سند البخاري هو ابن المبارك .

                                                                                                                                                                                                                              و (الأوزاعي ) هو الإمام عبد الرحمن بن عمرو ، سكن (في ) الأوزاع فنسب إليهم .

                                                                                                                                                                                                                              و (سليمان بن حبيب ) هو المحاربي ، قاض شامي ، تقضى سبعا وعشرين سنة ، وأبي أمامة اسمه صدي بن عجلان .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 632 ] إذا تقرر ذلك ، فالعلابي جمع علباء ، وهي : عصب العنق يشرك ويشد بها -وهي رطبة - أجفان السيوف . وقيل : هي أمتن ما يكون من البعير من الأعصاب . وقيل : تجفف ثم تشقق ثم يشد بها أجفان السيوف . وقال قوم في تأويل الحديث : هي ضرب من الرصاص . ولذلك قرن به الآنك ، وهو ضرب منه ، ذكره القزاز منكرا على قائله ، وأنه ليس بمعروف ، إنما المراد شدها بالعلاب ، وهو العصب . وقال الداودي : هي الرصاص ، وأنكر عليه ذلك . وقال أبو (المعالي ) في "المنتهى " : العلباء العصبة الصفراء في عنق البعير ، وهما علباوان بينهما منبت العرق ، وإن شئت علباءان لأنها همزة ملحقة ، وإن شئت شبهتهما بالتأنيث التي في حمراء ، وبالأصلية التي في كساء ، والجمع : العلابي ، والعلابي أيضا : جنس من الرصاص . والعلابي في الحديث جمع علباء ; لأنهم كانوا يشدون سيوفهم بالعلابي .

                                                                                                                                                                                                                              و (الآنك ) : ضرب من الرصاص . وقال الفراء فيما حكاه في "الموعب " عنه : ربما أنث العلباء ، ذهبوا به إلى العصبة ، وهو قليل . وقال أبو حاتم : سألت بعض الفصحاء عن تأنيث العلباء ، فأنكره . وفي "نوادر اللحياني " : هو مذكر لا غير . وقال الجوهري : العلابي : العصب ، عصب العنق ، واحدها : علباء وقال : والعلابي أيضا الرصاص أو جنس منه . وقال الأزهري في "تهذيبه " : كانت العرب تشد بالعلابي الرطبة أجفان سيوفها فتجف عليها .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 633 ] وقال ابن بطال : هو شرك . قال صاحب "العين " : رمح معلب ومعلوب مجلوز بالعلباء ، وهي : عصب العنق ، يقال : علبت السيف أعلبه علبا . إذا حزمت مقبضه بعلباء البعير . والآنك : الرصاص ، وهو الأسرب ، قاله ابن بطال . وقال ابن عزيز : هو الرصاص والأسرب ، وهو واحد لا جمع له . وقيل : هو من شاذ كلام العرب أن يكون واحد زنته أفعل ، وكذلك أشد مثله . وقال ابن فارس : هو الذي يقال له السرب . وقال عن أعرابي : هذا رصاص آنك ، وهو الخالص . وقال الداودي : الآنك : القصدير . وكذا قال في "الواعي " : أنه الأسرب . يعني : القصدير . زاد في "المغيث " : جعله بعضهم الخالص منه . وقيل : الآنك : اسم جنس ، والقطعة منه آنكة ، قيل : ويحتمل أن يكون الآنك فاعلا وليس بأفعل ، ويكون أيضا شاذا . وذكر الكراع أنه الرصاص القلعي . وقيل : الآنك : الرصاص الأبيض . وقيل : الأسود .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه : كما قال المهلب أن الحلية المباحة من الذهب والفضة في السيوف إنما كانت ليرهب بها على العدو ، فاستغنى الصحابة بشدتهم على العدو وقوتهم في الإيقاع بهم والنكاية لهم عن إرهاب الحلية لإرهاب الناس وشجاعتهم .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية