الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        2481 باب حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام بن يوسف أن ابن جريج أخبرهم قال أخبرني عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة أن بني صهيب مولى ابن جدعان ادعوا بيتين وحجرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى ذلك صهيبا فقال مروان من يشهد لكما على ذلك قالوا ابن عمر فدعاه فشهد لأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم صهيبا بيتين وحجرة فقضى مروان بشهادته لهم [ ص: 281 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 281 ] قوله : ( باب ) كذا للجميع بغير ترجمة وهو كالفصل من الباب الذي قبله ، ومناسبته لها أن الصحابة بعد ثبوت عطية النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك لصهيب لم يستفصلوا هـل رجع أم لا ؟ فدل على أن لا أثر للرجوع في الهبة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أن بني صهيب ) هو ابن سنان الرومي ، وقد تقدم أصله في العرب في " باب شراء المملوك من الحربي " من كتاب البيوع . وقوله : " مولى بني جدعان " كذا في رواية الكشميهني ، وللباقين " مولى ابن جدعان " وهي رواية الإسماعيلي من طريق أبي حاتم عن إبراهيم بن موسى شيخ البخاري فيه ، وابن جدعان هو عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ، وأما صهيب فكان له من الولد ممن روى عنه حمزة وسعد وصالح وصيفي وعباد وعثمان ومحمد وحبيب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقال مروان ) هو ابن الحكم حيث كان أمير المدينة لمعاوية ، وكان موت صهيب بالمدينة في أواخر خلافة علي .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( من يشهد لكما ) كذا فيه بالتثنية ; وبقية القصة بصيغة الجمع ، فيحمل على أن المتولي للدعوى بذلك منهم كانا اثنين ورضي الباقون بذلك فنسب إليهم تارة بصيغة الجمع وتارة بصيغة التثنية ، على أن في رواية الإسماعيلي " فقال مروان من يشهد لكم " ولا إشكال فيه . أجاب الكرماني بأن أقل الجمع اثنان عند بعضهم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لأعطى ) بفتح اللام هي لام القسم ، كأنه أعطى الشهادة حكم القسم أو فيه قسم مقدر أو عبر عن الخبر بالشهادة ، والخبر يؤكد بالقسم كثيرا وإن كان السامع غير منكر ، ويؤيد كونه خبرا أن مروان قضى لهم بشهادة ابن عمر وحده ولو كانت شهادة حقيقة لاحتاج إلى شاهد آخر . ودعوى ابن بطال أنه قضى لهم بشهادته ويمينهم ؛ فيه نظر ؛ لأنه لم يذكر في الحديث وقد استدل به بعض المتأخرين لقول بعض السلف كشريح : إنه يكفي الشاهد الواحد إذا انضمت إليه قرينة تدل على صدقه ، وترجم أبو داود في السنن " باب إذا علم الحاكم صدق الشاهد الواحد يجوز له أن يحكم " وساق قصة خزيمة بن ثابت في سبب تسميته ذا الشهادتين وهي مشهورة ، والجمهور على أن ذلك خاص بخزيمة والله أعلم . وقال ابن التين : يحتمل أن يكون مروان أعطى ذلك من يستحق عنده العطاء من مال الله ، فإن كان النبي - عليه الصلاة والسلام - أعطاه كان تنفيذا له ، وإن لم يكن كان هو المنشئ للعطاء قال : وقد يكون ذلك خاصا بالفيء كما وقع في قصة أبي قتادة حيث قضى له بدعواه وشهادة من كان عنده السلب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( بيتين وحجرة ) ذكر عمر بن شبة في " أخبار المدينة " أن بيت صهيب كان لأم سلمة فوهبته [ ص: 282 ] لصهيب فلعلها فعلت ذلك بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أو نسب إليها بطريق المجاز وكان في الحقيقة للنبي - صلى الله عليه وسلم - فأعطاه لصهيب ، أو هو بيت آخر غير ما وقعت به الدعوى المذكورة .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية