الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون فاسجدوا لله واعبدوا )

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( أفمن هذا الحديث تعجبون ) قيل : من القرآن ، ويحتمل أن يقال : هذا إشارة إلى حديث : ( أزفت الآزفة ) فإنهم كانوا يتعجبون من حشر الأجساد وجمع العظام بعد الفساد .

                                                                                                                                                                                                                                            وقوله تعالى : ( تضحكون ) يحتمل أن يكون المعنى وتضحكون من هذا الحديث ، كما قال تعالى : ( فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون ) [ الزخرف : 47 ] في حق موسى عليه السلام ، وكانوا هم أيضا يضحكون من حديث النبي والقرآن ، ويحتمل أن يكون إنكارا على مطلق الضحك مع سماع حديث القيامة ، أي أتضحكون وقد سمعتم أن القيامة قربت ، فكان حقا أن لا تضحكوا حينئذ .

                                                                                                                                                                                                                                            وقوله تعالى : ( ولا تبكون ) أي كان حقا لكم أن تبكوا منه فتتركون ذلك وتأتون بضده .

                                                                                                                                                                                                                                            ( وأنتم سامدون )

                                                                                                                                                                                                                                            وقوله تعالى : ( وأنتم سامدون ) أي غافلون ، وذكر باسم الفاعل ، لأن الغفلة دائمة ، وأما الضحك والعجب فهما أمران يتجددان ويعدمان .

                                                                                                                                                                                                                                            ( فاسجدوا لله واعبدوا ) يحتمل أن يكون الأمر عاما ، ويحتمل أن يكون التفاتا ، فيكون كأنه قال : أيها المؤمنون اسجدوا شكرا على الهداية واشتغلوا بالعبادة ، ولم يقل : اعبدوا الله إما لكونه معلوما ، وإما لأن العبادة في الحقيقة لا تكون إلا لله ، فقال : ( واعبدوا ) أي ائتوا بالمأمور ، ولا تعبدوا غير الله ؛ لأنها ليست بعبادة ، وهذا يناسب السجدة عند قراءته مناسبة أشد وأتم مما إذا حملناه على العموم .

                                                                                                                                                                                                                                            والحمد لله رب العالمين ، وصلاته على سيدنا محمد سيد المرسلين ، وخاتم النبيين ، وعلى آله وصحبه أجمعين .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية