الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وهل اللوطي الفاعل والمفعول به كزنى أو يرجم بكرا أو ثيبا ؟ فيه روايتان ( م 2 ) .

                                                                                                          وقال أبو بكر لو قتل بلا استتابة لم أر به بأسا ، وأنه لما كان [ ص: 71 ] مقيسا على الزاني في الغسل ، كذلك في الحد ، وأن الغسل قد يجب ولا حد لأنه يدرأ بالشبهة ، بخلاف الغسل فدل أنه يلزم من نفي الغسل نفي الحد ، وأولى ، ونصره ابن عقيل ( و هـ ) لأنه أبعد من أحد فرجي الخنثى المشكل ، لخروجه عن هيئة الفروج وأحكامها .

                                                                                                          وفي رد شيخنا على الرافضي إذا قيل : الفاعل كزان فقيل : يقتل المفعول ( به ) مطلقا ، وقيل : لا ، وقيل بالفرق ، كفاعل .

                                                                                                          وقال ابن الجوزي في كتابه السر المصون : كل مستحسن ومستلذ في الدنيا أنموذج ما في الآخرة من ثواب ، وكل مؤلم ومؤذ أنموذج عقاب ، فإن قيل فهل يجوز أن يكون حسن الأمرد أنموذجا لحصول مثله في الآخرة ؟ فالجواب أنه أنموذج حسن ، فإذا وجد مثله وأضعافه في جارية حصل مقصود الأنموذج ، والثاني أنه يجوز أن ينال مثل هذا في الآخرة فيباح مثل ما حظر مما كانت تشرئب إليه فيوجد الصبيان على هيئة الرجال من غير ذكر ، وربما كان الولدان كذلك .

                                                                                                          قال ابن عقيل جرت هذه المسألة بين أبي علي بن الوليد وأبي يوسف القزويني فقال أبو علي : لا يمتنع جماع الولدان في الجنة وإنشاء الشهوات لذلك ، فيكون هذا من جملة اللذات لأنه إنما منع منه في الدنيا لكونه محلا للأذى ، ولأجل قطع النسل ، وهذا قد أمن في الجنة ولذلك أبيحوا شرب الخمر لما أمنوا من غائلة السكر وهو [ ص: 72 ] إيقاع العربدة الموجبة للعداوة وزوال العقل .

                                                                                                          فقال أبو يوسف : الميل إلى الذكور عاهة ، ولم يخلق هذا المحل للوطء ، فقال أبو علي : العاهة هي الميل إلى محل فيه تلويث وأذى ، فإذا أزيل ولم يكن نسل لم يبق إلا مجرد الالتذاذ والمتعة ، ولا وجه للعاهة ، انتهى ما ذكره ابن الجوزي .

                                                                                                          وفي فنون ابن عقيل أيضا : سئل عمن له من أهل الجنة أقارب في النار هل يبقى على طبعه ؟ فقال : قد أشار إلى تغير الطبع بقوله : { ونزعنا ما في صدورهم من غل } فيزيل التحاسد والميل إلى اللواط ، وأخذ مال الغير . ومملوكه كأجنبي ، قال في الترغيب : ودبر أجنبية كلواط ، وقاله في التبصرة وقيل : كزنا : وإنه لا حد بدبر أمته ولو محرمة برضاع ، وزان بذات محرم كلواط ، ونقل جماعة : ويؤخذ ماله لخبر البراء وأوله الأكثر على عدم وارث ، وأوله جماعة : ضرب العنق فيه على ظن الراوي ، وقد قال أحمد : يقتل ويؤخذ ماله ، على خبر البراء إلا رجلا يراه مباحا فيجلد ، قلت : فالمرأة ، قال : كلاهما في معنى واحد يقتل .

                                                                                                          وعند أبي بكر إن خبر البراء عند الإمام أحمد على المستحل وإن غير المستحل كزان ، نقل صالح وعبد الله أنه على المستحل .

                                                                                                          [ ص: 70 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 70 ] مسألة 2 ) قوله : " وهل اللوطي الفاعل والمفعول به كزنى أو يرجم بكرا أو ثيبا فيه روايتان " ، انتهى .

                                                                                                          ( إحداهما ) حده كحد الزاني سواء ، وهو الصحيح من المذهب ، جزم به في العمدة والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم ، وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمقنع والهادي والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم .

                                                                                                          ( والرواية الثانية ) حده الرجم بكل حال ، اختاره الشريف أبو جعفر وابن القيم [ ص: 71 ] في الداء والدواء وغيره ، وأظن أن الشيخ تقي الدين اختاره ، وقدمه الخرقي ، قال ابن رجب في كلام له على ما إذا زنى بأمته : الصحيح قتل اللوطي سواء كان محصنا أم لا




                                                                                                          الخدمات العلمية