الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( فإن غصب عقارا وهلك في يده لم يضمنه ) وهذا عند الإمام وأبي يوسف وقال محمد وزفر والشافعي يضمنه وهو قول أبي يوسف أولا وفي العيني ويفتى بقول محمد في عقار الوقف ولأن الغصب يتحقق بوصفين بإثبات اليد العادية وإزالة اليد المحقة وذلك يمكن في العقار ; لأن إثبات اليدين المتدافعتين على شيء واحد لا يمكن لتعذر اجتماعهما ، فإذا ثبت اليد العادية للغاصب انتفت اليد المحقة للمالك ضرورة ولهذا يضمن العقار المودع بالجحود والإقرار به لغير المالك وبالرجوع عن الشهادة بعد القضاء ولقوله عليه الصلاة والسلام { من غصب شبرا من أرض طوقه الله يوم القيامة من سبع أرضين } ولنا أن الغاصب تصرف في المغصوب بإثبات يده وإزالة يد المالك ولا يكون ذلك إلا بالنقل والعقار لا يمكن نقله وأقصى ما يكون فيه إخراج المالك منه وذلك تصرف في المالك لا في العقار فلا يوجب الضمان ومسائل الوديعة على الخلاف على الأصح فلا يلزمه .

                                                                                        ولئن سلم فالضمان فيما ذكر بترك الحفظ الملتزم وإطلاق لفظ الغصب عليه لا يدل على تحقق غصب موجب للضمان كإطلاق لفظ البيع على بيع الحر لقوله عليه الصلاة والسلام من باع حرا الحديث لا يدل على تحقيق بيع الحر وهذا لما عرف أن في لسان الشرع حقيقة ومجازا وفي هذا سؤال تقديره كيف جمع بين لفظ غصب وعدم الضمان مع أن الغصب موجب للضمان وعلى هذا الخلاف لو باع العقار بعد الغصب وأقر بذلك وكذبه المشتري لا يقبل إقراره في حق المشتري ; لأن ملكه ظاهر ولا يضمن البائع عندهما ; لأنه لم يتلفه ، وإنما إتلافه مضاف إلى عجز المالك عن إقامة البينة وفي الكافي ولو غصب عقارا وهلك في يده بأن غلب السيل عليه فهلك تحت الماء أو غصب دارا فهدمت بآفة سماوية أو سيل فذهب البناء لم يضمن عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد والشافعي وزفر وهو قول أبي يوسف أولا يضمن وفي البزازية ، والصحيح قول أبي حنيفة وأبي يوسف وفي الينابيع ، فإن حدثت هذه الأشياء بفعل أحد من الناس فضمانه على المتلف عندهما وعند محمد هو مخير بين ضمان الغاصب والمتلف ، فإن ضمن الغاصب يرجع على المتلف ، وإن حدثت هذه الأشياء بفعل الغاصب وسكناه فالضمان عليه بالإجماع وفي الكافي وعلى هذا أي على غصب العقار لا ينعقد موجبا للضمان إذا باع دار الرجل وأدخلها المشتري في بنائه لم يضمن البائع عند أبي حنيفة وهو قول أبي يوسف آخرا وعند محمد يضمن قيمتها ومعنى المسألة إذا باعها واعترف بالغصب وكذبه المشتري كذا ذكره فخر الإسلام

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية