الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              5145 [ 2788 ] وعن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل ذات يوم من العالية - في رواية : في طائفة من أصحابه - حتى إذا مر بمسجد بني معاوية دخل فركع فيه ركعتين ، وصلينا معه ، ودعا ربه طويلا ، ثم انصرف إلينا فقال صلى الله عليه وسلم : سألت ربي ثلاثا فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة ، سألت ربي ألا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها ، وسألته ألا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها ، وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها .

                                                                                              رواه أحمد (1 \ 175) ، ومسلم (2890) (20) .

                                                                                              [ ص: 219 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 219 ] و (قوله : " وسألته ألا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها ) يعني : ألا يهلك جميعهم بطوفان كطوفان نوح - عليه السلام - حتى يغرق جميعهم ، وهذا فيه بعد ، ولعل هذا اللفظ كان بالعدو ، فتصحف على بعض الرواة لقرب ما بينهما في اللفظ ، ويدل على صحة ذلك : أن هذا الحديث قد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم خباب بن الأرت ، وثوبان وغيرهما ، وكلهم قال : بدل " الغرق " المذكور في هذا الحديث : " عدوا من غير أنفسهم " . والله تعالى أعلم .

                                                                                              و (قوله : " وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها ") البأس : الحروب والفتن ، وأصله من بئس يبأس : إذا أصابه البؤس ، وهو الضر ، ويقال : بأسا وضرا .

                                                                                              و (قوله : " يا محمد إني إذا قضيت قضاء لا يرد ") يستفاد منه : أنه لا يستجاب من الدعاء إلا ما وافقه القضاء ، وحينئذ يشكل بما قد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا يرد القضاء إلا الدعاء " . ويرتفع الإشكال بأن يقال : إن القضاء الذي لا يرده دعاء ولا غيره ، هو الذي سبق علم الله بأنه لا بد من وقوعه . والقضاء الذي يرده الدعاء أو صلة الرحم ، هو الذي أظهره الله بالكتابة في اللوح المحفوظ ، الذي قال الله تعالى فيه : يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب وقد تقدم ذلك في كتاب القدر .




                                                                                              الخدمات العلمية