الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        2509 حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته قال إبراهيم وكانوا يضربوننا على الشهادة والعهد

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن منصور ) هو ابن المعتمر وإبراهيم هو النخعي ، وعبيدة بفتح أوله هو السلماني ، وعبد الله هو ابن مسعود ، وهذا الإسناد كله كوفيون ، وفيه ثلاثة من التابعين في نسق .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته ) أي في حالين ، وليس المراد أن ذلك يقع في حالة واحدة ; لأنه دور ، كالذي يحرص على ترويج شهادة فيحلف على صحتها ليقويها ، فتارة يحلف قبل أن يشهد وتارة يشهد قبل أن يحلف ويحتمل أن يقع ذلك في حال واحدة عند من يجيز الحلف في الشهادة فيريد أن يشهد ويحلف وقال ابن الجوزي : المراد أنهم لا يتورعون ويستهينون بأمر الشهادة واليمين ، وقال ابن بطال : يستدل به على أن الحلف في الشهادة يبطلها ، قال : وحكى ابن شعبان في الزاهي : من قال أشهد بالله أن لفلان على فلان كذا لم تقبل شهادته ; لأنه حلف وليس بشهادة . قال ابن بطال : والمعروف عن مالك خلافه .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 309 ] قوله : ( قال إبراهيم إلخ ) هو موصول بالإسناد المذكور ووهم من زعم أنه معلق وإبراهيم هو النخعي .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ) زاد المصنف بهذا الإسناد في أول الفضائل " ونحن صغار " وكذلك أخرجه مسلم بلفظ " كانوا ينهون ونحن غلمان عن العهد والشهادات " وسيأتي في كتاب الأيمان والنذور نحوه " وكان أصحابنا ينهوننا ونحن غلمان عن الشهادة " وقال أبو عمر بن عبد البر : معناه عندهم النهي عن مبادرة الرجل بقوله : أشهد بالله ، وعلي عهد الله لقد كان كذا ونحو ذلك . وإنما كانوا يضربونهم على ذلك حتى لا يصير لهم به عادة فيحلفوا في كل ما يصلح وما لا يصلح .

                                                                                                                                                                                                        قلت : ويحتمل أن يكون الأمر في الشهادة على ما قال ويحتمل أن يكون المراد النهي عن تعاطي الشهادات والتصدي لها ، لما في تحملها من الحرج ولا سيما عند أدائها ; لأن الإنسان معرض للنسيان والسهو ولا سيما وهم إذ ذاك غالبا لا يكتبون ، ويحتمل أن يكون المراد بالنهي عن العهد الدخول في الوصية لما يترتب على ذلك من المفاسد ، والوصية تسمى العهد قال الله تعالى : لا ينال عهدي الظالمين وسيأتي مزيد بيان لهذا في كتاب الأيمان والنذور إن شاء الله تعالى .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية