الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 164 ] فصل في القراءة ( القراءة في الفرض واجبة في الركعتين ) وقال الشافعي رحمه الله : في الركعات كلها ، لقوله عليه الصلاة والسلام { لا صلاة إلا بقراءة }وكل ركعة صلاة ، وقال مالك رحمه الله : في ثلاث ركعات إقامة للأكثر مقام الكل تيسيرا . ولنا قوله تعالى{ فاقرءوا ما تيسر من القرآن }والأمر بالفعل لا يقتضي التكرار ، وإنما أوجبنا في الثانية استدلالا بالأولى ، لأنهما يتشاكلان من كل وجه ، فأما الأخريان فيفارقانهما في حق السقوط بالسفر ، وصفة القراءة وقدرها ، فلا يلحقان بهما ، والصلاة فيما روي مذكورة صريحا فتنصرف إلى الكاملة وهي الركعتان عرفا ، كمن حلف لا يصلي صلاة ، بخلاف ما إذا حلف لا يصلي . [ ص: 165 ] ( وهو مخير في الأخريين ) معناه إن شاء سكت ، وإن شاء قرأ ، وإن شاء سبح ، كذا روي عن أبي حنيفة رحمه الله ، وهو المأثور عن علي وابن مسعود وعائشة رضي الله عنهم ، إلا أن الأفضل أن يقرأ ; لأنه عليه الصلاة والسلام داوم على ذلك ، ولهذا لا يجب السهو بتركها في ظاهر الرواية .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الثالث عشر بعد المائة : قال عليه السلام : { لا صلاة إلا بقراءة } ، قلت : أخرجه مسلم عن عطاء بن رباح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { : لا صلاة إلا بقراءة } ، قال أبو هريرة : فما أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلناه ، وما أخفاه أخفيناه لكم ، [ ص: 165 ] انتهى . والمصنف استدل به للشافعي على وجوب القراءة في كل ركعة ، ونحن نقول بوجوبها في الركعتين الأوليين ، وليس الحديث بصريح فيه ، وأصرح منه حديث : المسيء صلاته ، أخرجاه في " الصحيحين " عن أبي هريرة ، وفيه : أنه عليه السلام ، قال له : { إذا قمت إلى الصلاة ، فكبر ، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن } ، وفي آخره : { ثم افعل ذلك في صلاتك كلها }.

                                                                                                        وحديث رفاعة بن رافع أيضا ، كما رواه أحمد في " مسنده " ، وفيه أنه عليه السلام قال له : { إذا استقبلت الصلاة ، فكبر ، ثم اقرأ بأم القرآن ، ثم اقرأ بما شئت } ، وفي آخره ، { ثم اصنع ذلك في كل ركعة وسجدة }.

                                                                                                        وقد ذكرناه بتمامه في حديث : { لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ، وسورة معها } ، وهو في السنن الأربعة ، ليس فيه : { ثم اصنع ذلك في كل ركعة } ، والله أعلم .

                                                                                                        قوله : وهو مخير في الأخريين إن شاء قرأ ، وإن شاء سبح ، وإن شاء سكت ، هو المأثور عن علي وابن مسعود وعائشة .

                                                                                                        قلت : روى ابن أبي شيبة في " مصنفه " عن شريك عن أبي إسحاق السبيعي عن علي وابن مسعود ، قالا : اقرأ في الأوليين ، وسبح في الأخريين ، وفيه انقطاع ، وهو عن عائشة غريب .

                                                                                                        الحديث الرابع عشر بعد المائة : روي { أنه عليه السلام داوم على ذلك }يعني [ ص: 166 ] القراءة في الأخريين " ، قلت : يشهد له حديث أبي قتادة ، رواه الجماعة إلا الترمذي [ ص: 167 ] { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب ، وسورتين ، وفي الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب ، ويطيل في الركعة الأولى ما لا يطيل في الثانية ، وكذلك في العصر ، وهكذا في الصبح }انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية